حفيد مانديلا والصحراء المغربية.. صرخة تحت الطلب وجهل بالتاريخ

 حفيد مانديلا والصحراء المغربية.. صرخة تحت الطلب وجهل بالتاريخ
آخر ساعة
السبت 14 يناير 2023 - 16:20

من الجميل جدا أن ينبري المرء للدفاع عن القضايا العادلة، لكن ما ينبغي فعله أكثر هو أن يبادر إلى ذلك ولا يكتفي بالصراخ فقط.

فالصراخ يجيده الجميع، واستمالة الجماهير لا تحتاج سوى إلى الضرب على الطاولة والتظاهر بالحماس.

من الصعب أن يختلف اثنان في العالم العربي والإسلامي حول عدالة قضية فلسطين، كما أنه من الصعب أن يختلفا حول ما قدمه المغرب، فعلاً لا قولاً، لهذه القضية، وهو ما يشهد به الفلسطينيون أنفسهم,

وبالتالي، فالمزايدة هنا غير واردة، والصراخ يستطيعه الجميع، لكن التنفيذ هو الأصعب دائما.

كما أن كون شخص ما حفيدا لأحد المقاومين، لا يعني بالضرورة أنه مقاوم أيضا.. فكم من ميت خرج من الحي وكم من حي خرج من الميت.. وتلك الأيام نداولها بين الناس.

ما فعله زويليفليل مانديلا، حفيد الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نلسون مانديلا، في افتتاح بطولة "الشان" يوم الجمعة" بالجزائر، هو أنه خلط الأمور مع بعضها، بإيعاز ممن أحضره، وبدل أن يكتفي بعبارة "الحرية لفلسطين"، تجرّأ على سيرة جدّه نيلسون مانديلا وأقحم الصحراء المغربية أيضا !

ولو أن الرجل قام بـ"الهوم وورك" المطلوب منه كما يجب، لكان تعرف من سيرة جده على ما قدمه المغرب وللمقاومة ورموز التحرير في إفريقيا كلها.

وكان سيعرف بسهولة أن نلسون مانديلا زار المغرب سنة 1962، ووجد في استقباله الدكتور عبد الكريم الخطيب، الذي كان يشغل منصب وزير دولة مكلف بالشؤون الإفريقية، وطلب المناضل الجنوب إفريقي المغرب بدعمه ماليا وتدريب مقاتلي حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وهو ما استجابت له المملكة.

وهذا الكلام ليس إنشاءً طبعا ولا حبراً على ورق، بل هو تاريخ يرويه مانديلا نفسه، وأعاد الحديث عنه وفي 27 أبريل 1995 أثناء إلقائه خطابا للاحتفال بحركة المقاومة المسلحة وكفاح المؤتمر الوطني الأفريقي من أجل تحرير جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصري، حيث نوه مانديلا بالدكتور الخطيب ودوره في دعم بلاده.

وقال بالحرف عنه "هناك رجل قام برحلة طويلة ليلتحق بنا في هذه الاحتفالية، إنه أحد المناضلين الكبار وكان وزيرا في حكومة بلاده مكلفا بالشؤون الافريقية، وقد قمت بزيارة لبلده في سنة 1962 وقلت له آنذاك: "أريد أن أقابل جلالة الملك"، وسألني: لماذا؟ وقلت: إننا أنشأنا جيشا، ونريد أن ندرب جنودنا ونريد أسلحة وأموالا".

وبعد إشادة طويلة بالمغرب، أنهى مانديلا حديثه بالقول "أقدم إليكم الدكتور الخطيب من المملكة المغربية...أريدكم أن تحيوه بحرارة مرة أخرى".

لهذا، وقبل أن يتجرأ حفيد مانديلا على المملكة المغربية، وقبل أن يستجيب لمن استضافوه، كان عليه أن يقرأ التاريخ أولا.. وحينها لن يلومه أحد !