باشرت مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية مسارًا قضائيًا غير مسبوق ضد شركة «كوكا كولا» وتسع مجموعات غذائية عالمية أخرى، متهمة إياها بالوقوف وراء تصنيع وتسويق أغذية فائقة المعالجة تُوصف بأنها مسببة للإدمان، وما نتج عن ذلك من تداعيات خطيرة على الصحة العامة، خاصة داخل الأوساط الفقيرة وبين الأقليات العرقية.
وبحسب الدعوى التي تقدم بها المدعي العام للمدينة، ديفيد تشيو، في الثاني من دجنبر الجاري أمام المحكمة العليا بسان فرانسيسكو، فإن لائحة المتابعين تضم، إلى جانب «كوكا كولا»، شركات كبرى من قبيل «كرافت هاينز»، و«مونديليز إنترناشيونال»، و«بيبسيكو»، و«جنرال ميلز»، و«نستله» الولايات المتحدة، و«كيلوغ»، و«مارس إنكوربوريتد»، و«بوست هولدينغز» و«كوناغرا براندز».
وتُعد هذه القضية، وفق وسائل إعلام أمريكية، سابقة من نوعها، إذ تقدم جهة حكومية على مقاضاة شركات غذائية بسبب الآثار الصحية لمنتجاتها فائقة المعالجة، متهمة إياها بتطوير تركيبات غنية بالسكر والدهون والمواد الكيميائية بطريقة مدروسة لخلق الاعتماد والإدمان، وتحقيق أرباح ضخمة على حساب صحة المستهلكين.
وفي بيان رسمي، اعتبر المدعي العام تشيو أن «الطعام لم يعد يشبه الطعام»، مشددًا على أن هذه الشركات «هندست أزمة صحة عامة» وحققت مكاسب مالية هائلة عبر منتجات تُلحق أضرارًا جسيمة بجسم الإنسان، داعيًا إلى محاسبتها على ما تسببته من تبعات صحية واجتماعية.
وكشفت وثائق الدعوى عن لجوء هذه المجموعات إلى حملات تسويق مكثفة، استهدفت الأطفال بشكل مباشر، من خلال شخصيات كرتونية وشراكات مع شركات ترفيه كبرى مثل «ديزني» و«نيكلوديون» و«مارفل». كما أشارت إلى أن الأطفال من أصول إفريقية ولاتينية تعرضوا لإعلانات الأغذية فائقة المعالجة بنسبة تفوق أقرانهم البيض بحوالي 70 في المائة.
وسلطت الدعوى الضوء على مؤشرات صحية مقلقة، من بينها تضاعف معدلات الإصابة بداء السكري أربع مرات لدى الأمريكيين السود خلال العقود الثلاثة الماضية، إلى جانب تسجيل مدينة سان فرانسيسكو نسبًا أعلى من الاستشفاء والوفيات المرتبطة بالسكري داخل هذه الفئات مقارنة بغيرها.
كما أكدت أن نحو 70 في المائة من الغذاء المتداول في الولايات المتحدة يتكون من منتجات فائقة المعالجة، وهو ما يحد من الخيارات الغذائية الصحية أمام الأسر محدودة الدخل، ويدفعها إلى استهلاك مواد صُممت بعناية لزيادة الاعتماد عليها.
ويرى متابعون أن هذه الدعوى قد تشكل منطلقًا لتحركات قانونية مماثلة في مدن أمريكية أخرى، بهدف تشديد الرقابة على شركات الصناعات الغذائية الكبرى، وتعزيز حماية المستهلكين، خصوصًا الأطفال والفئات الهشة، من ممارسات تجارية تضع الربح قبل سلامة الصحة العامة.
