حين أعلنت حكومة أخنوش عن برنامج "الدعم المباشر للسكن"، استقبله المواطنون بكثير من الأمل، باعتباره خطوة اجتماعية من شأنها تخفيف تكاليف اقتناء السكن، وتعزيز فرص الولوج إلى شقق مناسبة وبأسعار معقولة.
غير أن الواقع الميداني سرعان ما كشف عن صورة مغايرة؛ فبدل أن يصل هذا الدعم إلى الأسر المستحقة، يبدو أنه وجد طريقه إلى جيوب عدد من المنعشين العقاريين عبر موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار.
ارتفاع صاروخي للأسعار
النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، دقت ناقوس الخطر في سؤال كتابي موجه إلى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري.
التامني كشفت عن طفرة غير مبررة في أسعار السكن، خاصة بالقنيطرة وعين عتيق وتمارة، حيث ارتفعت أثمنة شقق كانت تصنف ضمن فئة السكن الاقتصادي من حوالي 25 مليون سنتيم إلى 45 مليون سنتيم وأكثر، أي بزيادة وصلت في بعض الحالات إلى الضعف.
وتضيف التامني أن هذا الارتفاع لا يستند إلى أي مبررات مالية أو تقنية، بل إن بعض المنعشين يكتفون بـ"تحسينات تجميلية" سطحية لرفع الأسعار بشكل صادم، في انسجام مع موجة المضاربات التي رافقت إطلاق برنامج الدعم.
جودة ضعيفة ودعم يغيّر اتجاهه
الأخطر، وفق النائبة البرلمانية، أن هذه الزيادات المفرطة جاءت دون تحسن يذكر في جودة البناء. فالكثير من الشقق المسوقة على أنها سكن اقتصادي أو متوسط تُظهر عيوباً تقنية خطيرة بعد فترة قصيرة من الاستعمال، في تناقض مع معايير السكن اللائق ودفاتر التحملات المعتمدة قانوناً.
هذا التدهور في الجودة يطرح سؤالاً مركزياً حول جدوى الدعم إذا كان المستفيد يجد نفسه أمام شقق تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط العيش الكريم.
ومن خلال المؤشرات الميدانية، ترى التامني أن جزءاً كبيراً من الدعم العمومي الموجه للمواطنين قد انتقل عملياً إلى المنعشين العقاريين، بعدما عمد هؤلاء إلى رفع الأسعار فور الإعلان عن البرنامج.
وبدل أن تساعد هذه المنح في تحسين القدرة الشرائية للأسر، ساهمت – من حيث لا ترغب الحكومة – في تغذية أرباح بعض الفاعلين العقاريين.
كما تحدثت التامني عن تزايد الشهادات بخصوص لجوء بعض المنعشين إلى مطالبة الزبائن بما يُعرف بـ«النوار»، وهو ما يشكل مساساً بحقوق المواطنين وضرباً صريحاً للقانون.
أسئلة أمام الوزارة
في ضوء هذه التطورات، طالبت النائبة الوزيرة بالكشف عن التدابير العاجلة لوقف موجة المضاربات العقارية، ومراجعة آليات الدعم لضمان استفادة الفئات المستحقة فعلاً، بدل تحوله إلى ريع مقنع لفائدة بعض المنعشين.
كما سألت التامني عن الإجراءات المرتقبة لضبط أثمنة السكن الاقتصادي والمتوسط، والتأكد من احترام الأسعار المرجعية المعتمدة قبل دخول البرنامج حيز التنفيذ، إضافة إلى تفعيل مراقبة صارمة لجودة السكن واحترام دفاتر التحملات.
