أنجز المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دراسة شاملة حول وضعية المقاولات المتناهية الصغر والصغيرة جداً والصغرى في المغرب، باعتبارها مكوّناً رئيسياً في النسيج المقاولاتي الوطني ودورها الحيوي في توفير فرص الشغل وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ورصدت الدراسة جملة من التحديات البنيوية التي تعيق نمو هذه الفئات المقاولاتية وتحد من قدرتها على التحديث والاندماج في الاقتصاد المنظم.
وتشير المعطيات إلى غياب تعريف موحد لهذه المقاولات، مما أفرز نسيجاً غير متجانس يستلزم سياسات موجهة ومتكيفة مع خصوصيات كل فئة.
كما توضح البيانات أن نسبة كبيرة من المقاولات الصغيرة جداً تسجل رقم معاملات ضعيفاً لا يتجاوز 3 ملايين درهم سنوياً، مع هشاشة عالية تظهر في معدل الإفلاس المرتفع؛ إذ إن أكثر من 15.600 مقاولة أعلنت إفلاسها في سنة واحدة، 99% منها مقاولات صغيرة جداً لم يتجاوز عمر نصفها خمس سنوات.
عوامل تعرقل النمو
وتحدد الدراسة عوامل أساسية تعرقل النمو، أبرزها: ضعف التكوين والكفاءات التدبيرية، صعوبة الولوج إلى التمويل، تعقيد المساطر الإدارية، ومحدودية الاندماج في سلاسل القيمة، إضافة إلى ضعف الرقمنة التي تبقى منخفضة مقارنة بالمعايير الدولية والنسيج الاقتصادي في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)
ورغم تعدد البرامج العمومية الموجهة لدعم الاستثمار والتمويل مثل “انطلاقة” و“فرصة”، فإن أثرها لا يزال محدوداً بسبب ضعف التنسيق، وعدم ملاءمة التدخلات لاحتياجات المقاولات، وضيق نطاق التغطية، إضافة إلى اختلالات في الحكامة التي تقلل فعالية المبادرات الحكومية المختلفة
كما يرصد التقرير تحديات في البيئة الخارجية، أبرزها ارتفاع التكاليف، المنافسة القوية، ضعف الاندماج في الأسواق الدولية، وتعقيد الالتزام بالمعايير العالمية.
أما من الناحية الجبائية، فقد شهدت السنوات الأخيرة إصلاحات ضريبية رفعت العبء على عدد من المقاولات الصغيرة، ما جعل النظام الضريبي غير محفّز بما يكفي لهذه الفئات الحساسة
أربع توصيات
وقد خلصت الدراسة إلى أربعة محاور رئيسية للتوصيات:
1. تعزيز الحكامة وتوحيد الرؤية بين مختلف الجهات المتدخلة.
2. تطوير الكفاءات المقاولاتية لدى رواد الأعمال والعاملين.
3. تمكين المقاولات من القدرات الضرورية للنمو بما في ذلك التمويل والمواكبة والتحديث الرقمي.
4. تحسين البيئة الخارجية عبر تبسيط المساطر، وتطوير البنيات التحتية، وتعزيز الاندماج في سلاسل القيمة، وخلق فرص جديدة على المستوى الترابي.
وتتوقع الدراسة أن هذه الإجراءات، إذا طُبقت بشكل منسق ومتكامل، ستعزز دينامية المقاولات الصغيرة جداً وتُمكّنها من القيام بدورها كاملاً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب.
