من ميلانو إلى المغرب.. هكذا تتحرك الهواتف المسروقة عبر ثلاث قارات

 من ميلانو إلى المغرب.. هكذا تتحرك الهواتف المسروقة عبر ثلاث قارات
آخر ساعة
السبت 26 يوليو 2025 - 13:11

تمكنت الشرطة الإسبانية الشهيرة باسم (Mossos d'Esquadra) مؤخرا من تفكيك شبكة لسرقة الهواتف الذكية وإعادة تفكيكها وبيعها، بطريقة ومسارٍ مثيريْن.

وتناقلت تقارير إعلامية مختلفة الطريقة المثيرة التي يتم بها سرقة هذه الهواتف، ثم إعادة بيعها أو تفكيكها، بين كل من إسبانيا، والصين والمغرب.

تبدأ القصة في مركز تسوق بمدينة لشبونة، أو في أحد شوارع ميلانو، أما الجزء الثاني فتدور أحداثه في شقة بحي "الرافال" في برشلونة، أما الخاتمة فيتكفل بها المغرب أو الصين.

البطل في هذه القصة هو هاتف محمول يُسرق من أحد الأشخاص في البرتغال أو إيطاليا، ثم يُنقل بسرعة عبر السوق السوداء إلى العاصمة الكتالونية، حيث يُخزَّن في شقة لفترة مؤقتة، قبل أن يُرسل إلى بلد آخر ليجد صاحبه الجديد.

برشلونة.. مركز البيع

برشلونة، كما تحذّر شرطة كتالونيا، أصبحت مركزًا لبيع الهواتف المسروقة، ففي الأسبوع الماضي، ألقت الشرطة الكتالونية القبض على 20 شخصًا كانوا يشترون هواتف مسروقة في حي الرافال، وتمكنت من استرجاع أكثر من ألف هاتف.

 أحد هذه الهواتف يعود لرجل برتغالي كان في مركز تسوق، وآخر لشخص من ميلانو، لكن أيضًا كان هناك هاتف لزبون في سوبر ماركت بمدينة غانديا، وآخر لشخص حضر مهرجانًا في توريخون دي أردوز، وآخر لزائر في معرض أبريل بمدينة إشبيلية.

يوضح المفتش ليسارد هيدالغو، رئيس قسم التحقيقات الجنائية (DIC) في برشلونة، أن التحقيق بدأ انطلاقًا من سرّ يعرفه الجميع في حي الرافال، حيث أصبح من المألوف أن تجد أشخاصا يسألون عن عنوان معين لأن هاتفهم قد سُرق وأظهرت خاصية التتبع الجغرافي أنه موجود هناك.

يضيف المفتش "واحدة من هذه الشقق كانت في شارع كاريتس، وقبل أشهر، جاء رجل مضطرب وأخبرنا بأنه لا يُسمح له بالدخول إلى البناية رغم أن هاتفه المحمول كان بالداخل. في النهاية، استسلم وغادر".

بعد أيام قليلة، سُرقت حقيبة امرأة في مطعم، وبعد دقائق، ظهرت إشارة هاتفها من نفس الشقة، يضيف المتحدث، "وفي الأسبوع الماضي، اقتحم عدد كبير من عناصر شرطة كتالونيا المكان، وبدأوا في تتبع وفحص كل هاتف عُثر عليه".

كيف وصلوا إلى هنا؟

يُسرق كل يوم في كتالونيا نحو 155 هاتفًا محمولًا، وبعد أن أبلغ الضحايا الشرطة أن هواتفهم موجودة في نفس الشقة، تمت المداهمة الأمنية وأسفرت عن 20 معتقلاً، أربعة منهم أُودعوا السجن الاحتياطي.

المتهمون من أصحاب السوابق، واتخذوا من استلام المسروقات وبيعها نمط حياة.

يقول المفتش،في مؤتمر صحافي عُقد، اليوم الجمعة 25 يوليوز، إن هذه التحقيقات تُعد "الأضخم" من نوعها لدى شرطة كتالونيا في هذا المجال، موضحا "نريد مهاجمة البُنى التي تُغذي التكرار الإجرامي"، مشيرًا إلى ما أطلق عليه بــ "خطة كانباي"، التي تهدف إلى مكافحة هذا النوع من الظواهر، وأسفرت عن اعتقال 400 شخص منذ إطلاقها قبل بضعة أشهر.

تفاصيل إعادة البيع

تقدَّر قيمة الهواتف التي كانت بحوزة هذه الشبكة الإجرامية بأكثر من 400 ألف يورو في السوق السوداء.

كان الفاعلون يشترون الهواتف من اللصوص بسعر يتراوح بين 200 و300 يورو، ولكن قبل إعادة بيعها، كانوا يحاولون الاحتيال أولًا، حيث كانوا يتعاونون مع مشتبه بهم آخرين في مدينة ساباديل، والذين يبيعون برمجيات خبيثة (ما يُعرف بـ "الجريمة كخدمة")، ويرسلون رسائل إلى الضحايا يطلبون فيها معلوماتهم الشخصية وكلمات المرور، بدعوى استعادة الهاتف أو تنفيذ معاملة.

بعدها، كانوا يتوجهون إلى المحلات في نفس الشارع، إلى المتاجر الكبرى والجزارين، حيث يتعاونون معهم للحصول على نصيب من المال، من خلال عمليات شراء يتم من خلالها تصفية البطاقات البنكية.

وحتى الآن، تم تسجيل سرقات بقيمة 25 ألف يورو من هذه العمليات الاحتيالية.

داخل الشقة، كانوا يلفون الهواتف بورق الألمنيوم لمنع استقبال الإشارة وتحديد الموقع الجغرافي، وهي حيلة ناجحة للأسف !

ومن بين الهواتف التي المصادرة، تم بالفعل إرجاع 45 منها لأصحابها، من أصل ألف هاتفٍ الأخرى، كما تم التأكد أن 170 منها أُبلغ عن سرقتها.

الغريب أن هناك ضحايا من مختلف أنحاء العالم: من البرتغال، ميلانو، ولكن أيضًا من آيسلندا وكاليفورنيا.

ووفق ذات التقارير، فغالبًا ما يكون الضحايا من السياح، الذين لا يُبلغون بالسرقة في كثير من الأحيان.

وقد أعلنت شرطة كتالونيا أنها ستُطلق موقعًا إلكترونيًا خلال أسبوعين، يُتيح للأشخاص الذين فقدوا هواتفهم أو لم يُبلغوا عن سرقتها، التحقق مما إذا كان هاتفهم من بين المضبوطات.

هواتف في الصين والمغرب

الكثير من هذه الهواتف، مع ذلك، أصبحت في الجانب الآخر من العالم، حيث تمكنت الشرطة من تحديد مواقع لهواتف مسروقة في المغرب والصين.

وتوضح الشرطة أن رحلات التهريب إلى إفريقيا كانت تُنفذ بالسيارات، أما إلى آسيا فكانت عن طريق خدمات الشحن.

وكان الأمر يعتمد على الهاتف نفسه، حيث كان يتم استهداف أجهزة  Appleأساسا، وكانت الأولوية للقيام بعملية الاحتيال أولًا.

فإذا تم قفل الهاتف نهائيًا، فإنه يُرسل إلى الصين، حيث تشتبه الشرطة بأنه يتم تفكيكه وبيع أجزائه، أما إذا ظل الهاتف قابلًا للاستعمال، فكان يُرسل إلى المغرب لإعادة بيعه.