دراسة: نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية

 دراسة: نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية
آخر ساعة
الأثنين 2 يناير 2023 - 15:37

أظهرت دراسة حديثة أن 48,9% من المغاربة (15 سنة فما فوق) يعانون أو قد سبق لهم أن عانوا من اضطراب نفسي أو عقلي في فترة من الفترات.

الدراسة، التي أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار إحالة من رئيس الحكومة، تهدف إلى تحديد الاختلالات الرئيسية التي يتعين معالجتها في مجال سياسة الصحة العقلية، والتكفل بالاضطرابات العقلية والنفسية والوقاية من الانتحار.

إلى ذلك، سجّلت الدراسة، المنشورة على موقع المجلس، خصاصا كبيراً في عدد الموارد البشرية (454 طبيبا نفسانيا) والأسرة الاستشفائية (2431 سريرا)، وهو ما يؤشر على  ضعف استثمار الدولة في منظومة الرعاية النفسية.

وحسب معطيات منظمة الصحة العالمية لسنة 2021، لا تتجاوز نسبة مخصصات الصحة العقلية في الميزانيات الوطنية للصحة 2 في المائة.

وواصلت الدراسة أن التعاطي مع الصحة النفسية والعقلية في المغرب يتم بطريقة قطاعية ومن زاوية المرض العقلي فحسب، "وهي مقاربة تغفل الدور الأساسي للمحددات السوسيوثقافية للصحة، من قبيل درجات العنف العائلي والاجتماعي، وأشكال التمييز ضد المرأة، وظروف الشغل في الوسط المهني، ووسائل حماية الأطفال والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، واستمرار الوصم الاجتماعي والنظرة السلبية للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعقلية".

ورصدت دراسة المجلس وجود أوجه قصور على مستوى الإطار القانوني والخبرة القضائية في مجال الأمراض العقلية والنفسية، إضافة إلى الصعوبات المرتبطة بالإيداع القضائي للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية داخل مؤسسات العلاج إما لأسباب وقائية أو جنائية، ولا سيما أمام الخصاص الموجود في الطاقة السريرية وبنيات الطب العقلي والنفسي.

وأمام هذه الإكراهات ومن أجل تجاوز الاختلالات الرئيسية المسجلة في مجال سياسة الصحة العقلية والتكفل بالاضطرابات العقلية والنفسية والوقاية من الانتحار، قدم المجلس جملة من التوصيات.

وأوصى المجلس، بالتالي، ببلورة سياسات وبرامج عمومية منسقة لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من الاضطرابات العقلية والمخاطر النفسية-الاجتماعية، على أن تقوم هذه السياسات والبرامج على مؤشرات مرقمة وقابلة للقياس، وعلى دراسات للأثر على المستوى الصحي والاجتماعي.

كما دعا إلى إعادة النظر في مشروع القانون رقم 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، قبل المصادقة عليه، وذلك بالتشاور مع الجمعيات المهنية، ونقابات أطباء الأمراض العقلية، والأخصائيين النفسيين، وممرضي الصحة العقلية، وجمعيات المرتفقين والمجتمع المدني.

وشدد المجلس على ضرورة تعزيز الضمانات القانونية والقضائية للأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية، بما يراعي حالاتهم الصحية، ويوفر لهم حماية أمثل، وذلك من خلال ملاءمة أفضل لمقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية مع خصوصيات واحتياجات المرض العقلي، موصياً أيضا بالتدخل على مستوى المحددات الاجتماعية والثقافية المؤثرة في الصحة العقلية والنفسية للأفراد: (مكافحة التمييز بمختلف أشكاله، العنف، التحرش، الهشاشة، العزلة، الوحدة)، والرصد المبكر لحالات الأفكار والسلوكات الانتحارية لدى الأطفال والشباب في الوسط العائلي، وداخل المؤسسات التعليمية والتكفل بها.

وحثّت توصيات المجلس، النابعة من نتائج الدراسة، على ضرورة التدخل على مستوى الأخطار النفسية-الاجتماعية في الوسط المهني، "من خلال المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل؛ وتطوير طب الشغل داخل المقاولات، ومراجعة مدونة الشغل في اتجاه إقرار جريمة التحرش المعنوي؛ ومراجعة لائحة الأمراض المهنية من خلال إدراج الاضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بظروف العمل".

كما دعت التوصيات إلى تحسين إمكانية الولوج لرعاية نفسية وعقلية ذات جودة، تكون مواكِبة لما بلغته المعارف والعلاجات من تطور، ومستجيبة للاحتياجات الخاصة للمرضى، لا سيما تلك المتعلقة بالسن والحالة الاجتماعية والاقتصادية ووسط العيش وأشكال الهشاشة التي يعانون منها، مع النهوض بمهنة الأخصائي النفسي من خلال وضع نظام أساسي وضريبي واضح وموحد لهذه الفئة، ووضع سجل رسمي للأخصائيين النفسيين.

وختم المجلس توصياته بالدعوة إلى مراجعة وتحيين المصنف العام للأعمال المهنية (NGAP) في الشق المتعلق بالتكفل بالاضطرابات العقلية والتعريفة الوطنية المرجعية ذات الصلة، وذلك في ضوء التطورات الطبية التي شهدها مجال العلاج والتكفل بهذا النوع من الاضطرابات، مع الحرص على تطبيق تعريفة معقولة.