على قدر أهل العزم تأتي الهزائم

 على قدر أهل العزم تأتي الهزائم
حكيم مرزوقي
الثلاثاء 22 نوفمبر 2022 - 11:57

العالم يعيش على إيقاع عرس كروي جماعي يمتد قرابة الشهر، فوق أرض عربية وبمشاركة أربعة فرق عربية تحت أنظار جمهور عربي موسع في المدرجات وأمام الشاشات.

المغزى هو أن كرة القدم أصبحت رياضة تتقن اللغة العربية، وإن كانت لا تجيدها مثل الإسبانية والإنجليزية والألمانية، وحتى اللهجات الأفريقية، لكنها وجدت لها مكانا بيننا كرياضة جماهيرية تنطلق من الحارات الشعبية التي ترفدها وتغذيها بالمواهب الشابة.

الشغف وحده لم يعد يكفي كي يتربع بلد دون غيره على عرش الساحرة المستديرة، وكما كان منذ العقود القليلة الماضية بل كادت هذه الرياضة تصبح من العلوم الصحيحة بفضل الاحتراف والتخصص وضخ الأموال التي مكنتها من صناعة النجوم ودخول عالم الأسواق المالية.

ولّت أزمنة الهواية والحماسة، وولّت معها تلك المتعة العفوية والروح التلقائية في الفرح والغضب ومذاقيْ الفوز والخسارة.

كل هذا من شأنه أن يحرك السواكن ويؤدي إلى بعض الانزياحات كأن يفقد الفقراء سطوتهم في عالم الفوتبول ليتركوا محلهم للأثرياء وأصحاب النفوذ المالي فتنتصر الصناعة والاحتراف على الشغف والهواية.

اليابان والولايات المتحدة مثلا، دخلتا عالم كرة القدم من بوابة العلم والاحتراف، فأصبح هؤلاء الذين لم يكن لديهم باع في هذا الصنف من الرياضة، ينتصرون على من كانوا في الأمس القريب سادة الفوتبول في الدول الفقيرة من أفريقيا وأميركا اللاتينية.

صفوة القول إن المال والعلم يتفوقان على الشغف والتقاليد بالإرادة والتصميم فلا عراقة ولا تاريخ ولا من يحزنون.

صحيح أننا افتقدنا مع صناعة الفوتبول متعة العشق والجنون كما يفقد الواحد طعم الخضروات والفواكه الطازجة مع زراعة البيوت البلاستيكية، لكننا -نحن العرب- لم يتسنّ لنا هذا ولا ذاك أي لا وفرة الإنتاج الصناعي ولا نكهة الزراعة البيولوجية.

أصبحنا من جماعة “الشبه شبه” أي أولئك الذين يلعبون الفوتبول لمجرد أن نؤكد مشاركتنا في هذا الصنف الرياضي ولا نتأخر عن هذه التظاهرة، أما أن نسجل تفوقنا فأمر لا يزال بعيد المنال.

ويستمر الإحساس بالإحباط والهزيمة المؤكدة والمبكرة في هذه التظاهرة الكروية العالمية لدى جماهيرنا، وإن رافقته بعض الطرافة والسخرية المرة.

وفي هذا الإطار علّق الماكرون من تونس في صفحات التواصل الاجتماعي على حجم حقائب لاعبي المنتخب الوطني أثناء سفرهم إلى الدوحة قائلين بأن صغر سماكة الحقائب يدل على أن إقامتهم لن تطول في مونديال قطر، ملمحين إلى معرفتهم بانسحابهم من الجولة الأولى.. وعاش من عرف قدره ووقف عنده.

ترى، ماذا لو حصلت المفاجأة وتخطينا الجولة الأولى باقتدار؟ هل سيندم اللاعبون على ما خف حمله من ثياب أم سيكيّفون لعبهم مع أحجام الحقائب فيتعمدون الخسارة كي لا يخيبوا التوقعات؟

أنقر هنا لقراءة المقال من مصدره.