يبدو أن ما خلفته جائحة كورونا من محن، تحول إلى منح، بعد أن واجهت مجموعة من الدول خصاصا حقيقيا في اليد العاملة الكفؤة، بعد أن انزاحت الجائحة.
ويعد المغرب من الدول التي تزخر بطاقات شابة وكفاءات قادرة على سد مثل هذه الفراغات، لكن الإجراءات والمساطر المعقدة، سواء الخاصة بالتأشيرة أو الوصول مباشرة إلى سوق الشغل، تبقى حاجزا حقيقيا أمام الآلاف من الشباب.
وفي هذا الصدد، يتضح أنه لا مناص من التدخل الحكومي في هذه العملية كي لا يتحول الأمر إلى هجرة غير نظامية، وفوضى تتسبب في ضياع حقوق اليد العاملة المغربية في عدد من الدول.
وعليه، فقد كشف يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن الحكومة تمكنت من التوسط من أجل تشغيل حوالي 27 ألف عامل مغربي بالخارج بوساطة رسمية.
ويتوزع هذا العدد بين 14.579 بفرنسا، و11.429 بإسبانيا، و109 بقطر، و84 بكندا، و80 بألمانيا، و77 بالسعودية، في حين شملت مجالات الاشتغال، على الخصوص، الفلاحة والنقل الجوي والفندقة والمطعمة وصناعة التعدين والصحة.
لكن، ورغم ذلك، تبقى هذه الأعداد غير كافية، ويبقى رسم استراتيجية واضحة بهذا الخصوص مطلوبة بشكل كبير، لتتضح الرؤية أكثر، خصوصا لدى الراغبين في خوض تجربة الهجرة العاملة.
وفي هذا الصدد، سجل الوزير أنه تم تعيين مستشارين ملحقين بسفارتي المملكة بكل من دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة للتنقيب عن فرص الشغل المتاحة هناك، فضلا عن السهر على على تتبع العمال والأطر المغاربة بهذين البلدين، في إطار عروض العمل التي تتم تلبيتها تحت إشراف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، مضيفا أن هناك سعيا إلى إبرام اتفاقيات جديدة مع بلدان ذات أسواق شغل واعدة.
كما أبرز أنه مؤخرا اقتراح مشروع اتفاقية تهم استخدام العمال والأطر المغاربة بالمملكة العربية السعودية، مضيفا أنه تم بدء العمل بالعديد من الإجراءات التجريبية من أجل تقوية تموقع المغرب بالسوق الكندية التي تعرف دينامية خاصة، من خلال توطيد الشراكة مع السفارة الكندية بالمغرب، بالنظر للحاجيات المهمة من الكفاءات التي تعرفها مختلف الأقاليم الكندية.
وبخصوص إسبانيا، أوضح المسؤول الحكومي أن هناك انفتاحا على أقاليم جديدة في إطار العمل الموسمي في المجال الفلاحي، مع إمكانية الولوج إلى مجالات أخرى كالنقل البحري والفندقة والمطعمة، كما تم عقد لقاءات مع الاتحاد الفرنسي لمهن الصناعات الفندقية، وذلك في أفق تنظيم عملية نموذجية لفائدة عدد من خريجي المجال الفندقي وكذا البحث عن استرتيجية في المجال الفلاحي.
وأفاد أن الوزارة بصدد دراسة إمكانية الاستفادة من فرص الشغل بهولندا المعبر عنها من قبل الجهات المشغلة هناك، سواء الموسمية منها أو القارة، من خلال تبادل الشباب في إطار اتفاق مرتقب بين البلدين في هذا المجال، مشيرا إلى أنه بعد نجاح تجربة إلحاق أزيد من 100 مستفيد بمقاولات ألمانية بواسطة عقود عمل إطار التكوين بالتناوب في مجالي السياحة والفندقة، وحوالي 80 مستفيد في مجالات الفندقة والمطعمة والبناء، "هناك إعادة لعمليات جديدة مع الجانب الألماني".
وفي نفس السياق، سجل السكوري، أن هناك انفتاحا على سوق الشغل البرتغالي من خلال عقد لقاءات مع ممثلي قطاعي الفلاحة والفندقة في إطار تنفيذ مقتضيات الاتفاق الثنائي بين البلدين، مسجلا أنه سيتم تنظيم عملية تجريبية لتشغيل 400 عامل مغربي في المجال الفلاحي.
من جهتها، سطرت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، برنامجا للمواكبة يتضمن، على الخصوص، تقديم الدعم اللوجستيكي من أجل إجراء عمليات الانتقاء النهائي للمرشحين بحضور الجهات المشغلة.
ويبدو أن المغرب يتوجه بشكل واضح نحو تنظيم عملية هجرة العمالة، بحيث يتم تغطية الخصاص لدى الدول التي تعاني من نقص العمالة، وكذا التقليل بشكل كبير من نسبة البطالة على الصعيد الوطني.