في خطوة طبية غير مسبوقة، أعلن الدكتور يوسف العزوزي، الطبيب المغربي المتخصص في أمراض الدماغ والأعصاب، عن تسجيل اختراع ثوري يتمثل في جهاز هو الأول من نوعه لتصفية الدم من داخل الأوعية الدموية.
الجهاز، الذي أثبت فعاليته علمياً، لا يقتصر على تنقية الدم فحسب، بل يستطيع أيضاً توجيه الخلايا الالتهابية وبعض الكريات البيضاء، ما يجعله أداة ذات آفاق واسعة في علاج ملايين المرضى حول العالم، خاصة أولئك الذين يعانون من ضعف المناعة، أو الذين يخضعون لعمليات زراعة الأعضاء حيث يشكل خطر رفض الجسم للعضو الجديد هاجساً طبياً كبيراً.
العزوزي أوضح في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بمنصة "فيسبوك" أن الجهاز الجديد "سيساهم، بإذن الله، في علاج عشرات الملايين من الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة والعدوى المزمنة في وحدات الإنعاش بسبب عدم فعالية المضادات الحيوية".
كما أضاف أن ابتكاره "سيساعد بشكل كبير في عمليات زراعة الأعضاء، إذ يمكن أن يقلل أو حتى يلغي الحاجة إلى الأدوية المثبطة للمناعة، وبالتالي يخفف من الأعراض الجانبية ويمنح المرضى فرص شفاء أكبر وأكثر أماناً".
من بيئة علمية إلى رحاب العالمية
وُلد يوسف العزوزي في مدينة القصر الكبير يوم 28 ديسمبر 1991، وسط أسرة لها جذور متينة في عالم الطب والبحث العلمي، فهو ابن البروفيسور مصطفى العزوزي، أحد أبرز الأطباء المغاربة.
منذ طفولته، ظهر شغفه بالعلم والابتكار، وتلقى دعماً من أسرته التي وفرت له بيئة ملهمة جعلته يسلك طريق التميز في مساره الأكاديمي والمهني.
تلقى العزوزي تعليمه الأولي في المدرسة الأمريكية بالرباط، قبل أن يفتح أمامه باب العالمية بانتقاله إلى جامعة أوكسفورد البريطانية، حيث قضى ثلاث سنوات في التكوين والبحث.
لم يكتفِ بذلك، فانتقل إلى جامعة بوسطن الأمريكية ليغني رصيده العلمي، ثم اختار متابعة دراسته الطبية باللغة الإنجليزية في جامعة أجيبادام التركية، ليحصل على تكوين متعدد اللغات والثقافات، يجمع بين المدرسة الأنجلوساكسونية والتجربة الطبية الأوروبية والشرق أوسطية.
التتويج بلقب "أفضل مخترع عربي"
لم يطل الوقت حتى برز اسم العزوزي في العالم العربي، إذ شارك سنة 2019 في برنامج "نجوم العلوم" الذي تنظمه مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
بفضل اختراعه "دعامة لتعديل تدفق الدم عند مرضى القلب"، تمكن من الوصول إلى المرحلة النهائية محققاً أعلى معدل في نصف النهائي (88.3 نقطة).
وفي الدور النهائي، نال 93.8 نقطة، ليُتوّج في 8 نوفمبر 2019 بلقب أفضل مخترع عربي، وليحصل على الجائزة الكبرى البالغة 300 ألف دولار أمريكي.
اختراع "دعامة تعديل تدفق الدم" لم يكن عادياً، إذ قدم بديلاً عملياً وفعالاً للطرق التقليدية في علاج فشل القلب الاحتقاني، وهو مرض يصيب الملايين حول العالم.
هذا الابتكار أتاح للمرضى فرصة الاستغناء عن تكاليف الصيانة المستمرة للأجهزة الطبية المعتمدة حالياً، وساهم في تحسين جودة الحياة لملايين المصابين.
العزوزي نفسه صرح آنذاك أن اختراعه يستهدف "أزيد من 26 مليون مريض بالقلب عبر العالم"، ما جعل إنجازه يحظى باهتمام واسع من الأطباء والباحثين والإعلام.
مسار ابتكاري جديد
على الرغم من أن فوزه في "نجوم العلوم" شكّل منعطفاً كبيراً في مسيرته، فإن العزوزي لم يتوقف عند ذلك الحد، بل واصل البحث والتطوير، واضعاً نصب عينيه هدفاً أكبر: إيجاد حلول عملية لإنقاذ الأرواح وتطوير الطب من الداخل.
واليوم، يأتي ابتكاره الجديد، جهاز تصفية الدم داخل الأوعية الدموية، ليؤكد أن مسيرته العلمية والابتكارية تتقدم بخطى ثابتة نحو العالمية.
هذا الجهاز، الذي يمكن اعتباره ثورة في الطب الحديث، قد يغير وجه التعامل مع أمراض المناعة وزراعة الأعضاء.
فبينما كان المرضى يعتمدون بشكل رئيسي على أدوية تثبيط المناعة بما تحمله من آثار جانبية خطيرة، يفتح اختراع العزوزي الباب أمام جيل جديد من العلاجات التي تقوم على التحكم المباشر في مكونات الدم داخل الأوعية، ما يرفع فرص النجاح الطبي ويقلل من الكلفة العلاجية على المدى الطويل.
