أين الخلل؟ 50 ألف مقاولة مهددة بالإفلاس في المغرب رغم تناسُل برامج التمويل

 أين الخلل؟ 50 ألف مقاولة مهددة بالإفلاس في المغرب رغم تناسُل برامج التمويل
آخر ساعة
الأربعاء 6 أغسطس 2025 - 13:37

رغم ما يزخر به المغرب من برامج استثمارية وتمويلية طموحة، ورغم دخول ميثاق الاستثمار الجديد حيّز التنفيذ، تتصاعد التحذيرات من أزمة خانقة تضرب صميم النسيج المقاولاتي الوطني، حيث أعلنت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة أن عدد المقاولات المهددة بالإفلاس قد يصل إلى 50 ألفًا في سنة 2025، بعد تسجيل 40 ألف حالة إفلاس سنة 2024، و33 ألف حالة في 2023، في منحى تصاعدي ينذر بانهيار غير مسبوق.

أزمة ثقة أم أزمة تدبير؟

تضع الكونفدرالية أصبعها على عدد من الاختلالات التي ترى أنها السبب الرئيسي في هذا النزيف، على رأسها صعوبة الولوج إلى التمويل البنكي، وتوقّف برنامجي "فرصة" و"انطلاقة"، وكذا تأخر تفعيل القانون الذي يمنح 20% من الصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة، إضافة إلى غياب التفاعل الجاد من طرف وزارة المقاولات مع مقترحات المهنيين.

وفي مراسلة موجهة إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى، يونس السكوري، عبّرت الكونفدرالية عن خيبة أملها من أربع سنوات من "التشخيص دون حلول"، معتبرةً أن الوزير لا يمتلك رؤية أو برنامجًا واقعيا للنهوض بهذا القطاع.

بين الطموح والواقع

أطلق المغرب ميثاقًا استثماريًا جديدًا منذ سنة 2022، تنفيذاً للتوجيهات الملكية، بهدف تحفيز الاستثمارات وخلق مناصب شغل مستدامة، وتوزيع الاستثمارات بشكل عادل بين الجهات.

 ويتضمن الميثاق دعمًا يصل إلى 30% من مبلغ الاستثمار، ومنحًا جهوية وقطاعية، إضافة إلى تحفيزات خاصة بالمشاريع المستدامة أو تلك التي تهم المهن المستقبلية، ونظام دعم خاص بالمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة.

لكن المفارقة أن هذه البرامج لم تمنع تفاقم أوضاع المقاولات، ما يطرح أسئلة حارقة حول فعالية التنزيل، وجودة الاستهداف، ونوعية المرافقة.

أرقام لا تعكس الواقع

ترى الكونفدرالية أن الأرقام الرسمية التي تستند إليها وزارة السكوري، منها ما أورده البنك الإفريقي، لا تعكس حقيقة الوضع المأساوي، مؤكدة أن الإفلاس تضاعف أربع مرات منذ 2019، دون أن تتحرك الحكومة بما يكفي لتدارك الوضع.

فبرنامج "انطلاقة" الذي أطلقته الدولة عام 2020 كأمل للمقاولات الصغيرة، و"فرصة" الذي تبعه في 2022، لم يصمدا طويلاً، حيث تم توقيفهما بصمت، دون تقييم واضح أو بدائل ملموسة.

 هذا التوقّف، بالإضافة إلى ضعف الدعم المؤسساتي، ترك آلاف المقاولين في مواجهة مصيرهم، دون تأطير أو مواكبة.

أين الخلل؟

في هذا الصدد، يرى مراقبون أن الخلل عبارة عن مزيج بين ضعف التنزيل، وغياب الإرادة الحقيقية لدعم المقاولة الصغرى،

إضافة إلى الفجوة بين ما هو نظري، وما يُعاش على أرض الواقع؟

وعموما، بين برامج لدعم المقاولات تتناسل بأسماء مخترلفة، وواقع مقاولاتي هش، يبدو أن الخلل ليس في نقص البرامج، بل في ضعف الإرادة، غياب المتابعة، وانعدام الرؤية المتكاملة لقطاع يُعدّ العمود الفقري لأي اقتصاد.