مع اقتراب موعد تنظيم كأس العالم 2030، الذي سيحتضنه المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال، بدأت تتضح ملامح الدينامية الاقتصادية الكبرى التي سيحدثها هذا الحدث العالمي، لا سيما في ما يتعلق بخلق فرص الشغل ومحاربة البطالة، خاصة في صفوف الشباب.
ففي تصريح رسمي، أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، خلال اجتماع بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أن المشاريع المرتبطة بالتحضير لهذا الحدث ستساهم في تقليص نسبة البطالة، ورفع معدل النمو إلى حوالي 6%، مشددًا على أن الدولة تراهن على هذه الفرصة التاريخية من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فكيف يمكن أن يسهم هذا التحضير في التقليص من البطالة وخلق فرص الشغل؟
مشاريع البنية التحتية
يرى خبراء اقتصاديون أن بناء ملاعب جديدة بمواصفات دولية، أو تأهيل الملاعب القائمة سيعمل على توفير فرص عمل مباشرة في مجالات الهندسة، البناء، الحرف اليدوية، السلامة، والمراقبة التقنية.
كما ستكون هذه المشاريع سبباً في إحداث وظائف مؤقتة أثناء فترة الأشغال، إضافة وظائف دائمة في الصيانة والإدارة والتسيير بعد نهاية المشاريع.
وبخصوص تطوير البنية التحتية للنقل، يتوقع هؤلاء أن تشكل توسعة وتجهيز المطارات في المدن المرشحة لاستضافة المباريات، وتهيئة وتوسيع شبكات الطرق والطرق السريعة، وربط المدن والملاعب الكبرى بخطوط نقل عصرية، وكذا تعزيز شبكة السكك الحديدية، مع إمكانية توسيع خطوط TGV إلى مدن جديدة، (تشكل) فرصة حقيقية لخلق آلاف من فرص الشغل في مجالات الإنشاء، واللوجستيك، والتخطيط الحضري، والمراقبة البيئية.
وعلى مستوى تعزيز البنية السياحية والإيوائية، التي ستعرف بناء فنادق جديدة، وتوسيع الطاقة الاستيعابية للفنادق والمركّبات السياحية الحالية، وكذاإنشاء قرى سياحية ومراكز ترفيهية قريبة من الملاعب ومناطق الجذب، إضافة إلى تنشيط قطاع المطاعم، السياحة الجبلية والبيئية، والنقل السياحي.
فإن كل هذه الأنشطة، ستعمل على توفير فرص عمل في السياحة، الاستقبال، الفندقة، الإرشاد السياحي، وخدمات الضيافة.
التحول الرقمي والاقتصاد المحلي
يورد فاعلون اقتصاديون أن التحضيرات للمونديال ستواكبها رقمنة البنيات التحتية الخاصة بالتذاكر، الأمن، الإرشاد، البث المباشر، والإشهار، مع دعم الشركات الناشئة في مجالات تكنولوجيا الحدث الرياضي (SportTech)، وهو ما سيعمل ولا شك على خلق وظائف عالية المهارة في البرمجة، الذكاء الاصطناعي، التصميم، والتواصل الرقمي.
سيكون مونديال 2030 فرصة حقيقية لتحفيز التعاونيات المحلية للمساهمة في المنتجات التذكارية والخدمات السياحية، بهدف تسويق المنتوجات المحلية في الأسواق الدولية المرتبطة بالبطولة، وهو ما سيدفع بالجهات الرسمية إلى دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر الطلب العمومي والمشتريات المحلية، إضافة إلى فتح مجالات عمل في الصناعات الغذائية، الملابس، الأشغال اليدوية، وخدمات التنظيف والنقل.
التكوين المهني
بهدف تغطية الخصاص الذي يرتقب أن تشهده عدد من القطاعات، خصوصا المستحدثة، يشدد متخصصون على أن المغرب سيعرف إحداث برامج تكوين مهني موجهة للقطاعات المرتبطة بالمونديال، وكذا خلق تخصصات جديدة في الجامعات والمدارس العليا في مجالات تدبير التظاهرات الكبرى، الأمن الرياضي، الصحافة الرياضية، السياحة الرياضية، وهو ما سيؤدي إلى دمج الشباب العاطل في مسارات تكوينية تؤهله للمشاركة في الدينامية المقبلة.
تأهيل المدن والإعلام
وفق ذات المصادر، سيفضي الاستعداد للمونديال إلى دينامية تتمثل في تأهيل الأحياء المتاخمة للملاعب، وإنشاء ساحات عمومية ومساحات خضراء، وكذا إطلاق مشاريع النظافة، الإنارة العمومية، التشوير الحضري، والمرافق الصحية، وهو ما سيخلق مئات الوظائف في الجماعات المحلية، ومكاتب الدراسات، وشركات الأشغال العمومية.
على مستوى الإعلام والترويج الثقافي، يرتقب أن تعمل الدولة على دعم الإنتاجات السمعية والبصرية التي تسوّق للمغرب سياحيًا وثقافيًا، وتحفيز الإعلام الرياضي، والصحافة المحلية على تغطية المونديال وما يرتبط به، وهو ما سيخلق فرص عمل مباشرة للصحفيين، والمراسلين، والمصورين المستقلين.
أخيرا..
من المرتقب أن تخلق مشاريع مونديال 2030 عشرات الآلاف من فرص الشغل خلال العقد المقبل، موزعة بين فرص مباشرة خلال فترة الأشغال، وفرص مستدامة بعد انتهاء البطولة، خاصة في قطاعات السياحة، الرياضة، النقل والخدمات.
كما يُنتظر أن يساهم هذا الزخم في تقليص البطالة، وتقليص الفوارق المجالية عبر إنعاش المدن غير الساحلية وربطها بمنظومة اقتصادية وطنية نشطة.
