أربعة حروف صنعت جدلاً ... طوطو بين الاستفزاز الجماهيري والسجال النخبوي

 أربعة حروف صنعت جدلاً ... طوطو بين الاستفزاز الجماهيري والسجال النخبوي
آخر ساعة
الثلاثاء 1 يوليو 2025 - 15:01

لم يعدْ ظهور مغني الراب المغربي "طوطو" على منصة مهرجان موازين مجرد حدث فني عابر،  بعد أن تحول، في وقت قياسي، إلى موضوع جدل مجتمعي واسع.

انقسمت الآراء، إذن، بين من يعتبره "نجماً جماهيرياً" يستقطب الآلاف من الشباب، وبين من يراه "رمزاً للتفاهة المدعومة" و"سلكوطا" (كما هو مكتوب على قميصه) يُهدر المال على حساب أولويات أكثر إلحاحاً.

ما لا يستطيع أحد إنكاره هو الحضور الجماهيري الكثيف لحفل طوطو، وهو حضور يعبّر عن ذائقة فنية جديدة تفرض نفسها بقوة على المشهد الموسيقي في المغرب.

شباب يخاطبون واقعهم بلغتهم وبذائقتهم الخاصة، حتى لو كانت "لغة الشارع"، كما يبدو للبعض، بحمولتها الصادمة أحياناً. لكن السؤال لدى المنتقدين كان هو: هل الشعبية وحدها كافية لتبرير إهدار المال؟ وهل يحق لفنان، سواء كان طوطو أو غيره، أن يُقدم فناً لا يحترم الحد الأدنى من الذوق العام؟

منتقدو طوطو يرون أن حضوره في المهرجان هو تعبير عن الانفصال بين السياسات الثقافية وواقع التحديات الاجتماعية. فطوطو، في نظرهم، هو رمز لـ"تكريس الرداءة كمؤسسة" و"تسويق التفاهة كمنتج ثقافي رسمي".

الآخرون يرون أن دعم هذا النوع من العروض هو نوع من الترويج اللاواعي للعنف الرمزي والانفلات القيمي، في الوقت الذي يعاني فيه الشباب من أزمات هوية وبطالة وانعدام أفق.

بالمقابل، يدافع أنصار طوطو عن حق الفنان في التجريب، وعن حرية الجمهور في اختيار ما يستهلكه من فنون.

 بالنسبة لهم، الهجوم على طوطو ليس سوى وجه آخر للوصاية الأخلاقية التي تعودناها من فئة تدّعي احتكار الفهم والتهذيب. وهم يرون أن "الطابع الصادم" في بعض كلمات أغانيه لا يختلف كثيراً عن المضمون الحاد لعدد من رموز الشعر والموسيقى عبر العصور، لكنه يقابل بالرفض، فقط لأنه يصدر من شاب شعبي يتحدث لغة "الزنقة".

هكذا إذن، تحول مهرجان "موازين"، وبهذا المعنى، إلى أكثر من مهرجان غنائي، بل مرآةً لواقع مجتمعي منقسم، وسؤال مفتوح عن الثقافة التي يريدها المغاربة، والفنان الذي يستحقونه، والأهم من هذا كله، مدى القدرة على استيعاب الاختلاف بشتى تجلياته.

ليس المطلوب محاكمة طوطو، ولا فرض مقاييس جمالية على جمهور واسع ومتنوع، لكن من المشروع تماماً أن يعاد التفكير في شروط التوازن بين حرية التعبير الفني ومسؤولية احترام الذوق العام والقيم المجتمعية، تراعي الاختلاف دون أن تُقبره.

الأسئلة كثيرة، ولا أجوبة سهلة... تماماً كالمشهد الثقافي والفني في المغرب ذاته.