ماذا تعرف عن الشقق المخصصة للكراء التي تعتزم الدولة بناءها لفائدة المغاربة؟

 المغرب يتجه نحو سوق السكن المخصص للإيجار عبر إصلاحات وبرامج جديدة
آخر ساعة
الخميس 26 يونيو 2025 - 20:45

في ظل تصاعد الضغط الديموغرافي وصعوبة الولوج إلى السكن، تتجه الحكومة المغربية نحو تعزيز سوق السكن المخصص للإيجار كبديل استراتيجي لتملك العقار، من خلال برامج إصلاحية وتشريعية تهدف إلى تنويع العرض وتسهيل استفادة مختلف الفئات الاجتماعية، خاصة الطبقة المتوسطة والشباب النشيط، من سكن لائق وبأسعار معقولة.

مشاكل في أجور الكراء

إضافة إلى الحاجة للسكن، فإن مشاكل السومات الكرائية وتأميناتها تضع هذا الخيار في محك حقيقي، ومشاكلَ لا تنتهي تجعله خياراً إجباريا، لكن مرهقا للأسر.

وسبق لوزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، أن كشفت عن عمل الوزارة على وضع نظام جديد لتأمين أجور الكراء، بشراكة مع مختلف المتدخلين في القطاع.

إجراء جاء في إطار تفعيل البرنامج الحكومي الذي يسعى إلى تحسين ظروف السكن لجميع الشرائح وتسهيل الولوج إلى الملكية.

وكشفت الوزيرة أن وزارتها تشتغل حاليًا على تعديل القانون 67.12 المتعلق بعلاقات الكراء، حيث سيتم التنصيص على إلزامية العقود المكتوبة وضبط التزامات الطرفين، إلى جانب إقرار تدابير قانونية وتنظيمية جديدة لتأطير وتتبع عمليات الكراء وتبسيط المخاطر المرتبطة بها.

 كما تعمل الوزارة أيضًا على مراجعة القانون 51.00 المرتبط بالإيجار المفضي إلى التملك، في محاولة لمعالجة الإكراهات التي تحد من جاذبية هذا النمط السكني، خصوصًا على مستوى الضمانات القانونية والتنفيذية.

تحفيز مطلوب

سبق لكاتب الدولة المكلف بالإسكان، أديب ابن إبراهيم، أن أعلن، خلال افتتاح مؤتمر رفيع المستوى بالرباط حول تمويل السكن الميسر والمستدام، عن إعداد برنامج جديد يروم دعم السكن عن طريق الإيجار، عوض التركيز فقط على التملك.

ويهدف هذا البرنامج إلى معالجة عدة إشكاليات تعيق تطور هذا السوق في المغرب، لا سيما ضعف جاذبيته الاستثمارية وانخفاض نسبة الإقبال عليه، التي لا تتجاوز 33%.

وفي هذا السياق، شدد المسؤول الحكومي على أهمية وضع تدابير تحفيزية لتشجيع الاستثمار في السكن الإيجاري، مع تأكيد دور الدولة والمؤسسات العمومية في هيكلة هذا السوق وخلق دينامية جديدة به.

واعتبر أن تأمين حقوق الملاك يشكل ركيزة أساسية في هذا التوجه، من خلال مراجعة الترسانة القانونية القائمة، وبلورة آليات تضمن دفع الإيجارات وتعزز مناخ الثقة لدى الملاك والمستثمرين.

تفاصيل الكراء المفضي للسكن

وفي خطوة عملية لتوسيع العرض، تستعد الوزارة لإطلاق برنامج جديد للسكن الإيجاري المتوسط، يستهدف بالأساس الطبقة المتوسطة والشباب العامل في المدن التي تعرف ضغطًا كبيرًا على سوق العقار.

ويهدف البرنامج إلى تقديم عرض سكني بإيجارات متحكم فيها، تتراوح بين السكن الاجتماعي والعرض الحر، ما يتيح لفئة واسعة من المواطنين فرصة السكن دون الحاجة لتحمل كلفة الشراء.

ولأجل تصميم هذا البرنامج، ستُطلق الوزارة دراسة تقنية بميزانية تصل إلى 3.5 ملايين درهم، من أجل وضع تصور متكامل لصيغ تنفيذية متعددة.

من بين هذه الصيغ: اقتناء أو بناء وحدات سكنية بهدف تأجيرها، أو إعادة كراءها عبر وسيط متخصص يتكلف بإدارة العقار والمخاطر، إلى جانب تأهيل السكن القائم وإعادة ضخه في السوق الإيجارية.

ويجري أيضًا التفكير في ربط هذا العرض السكني بنظام ادخار موجّه نحو التملك، حيث يتم تخصيص جزء من مبلغ الإيجار الشهري لتكوين رصيد يمكن المستأجر من اقتناء سكن في المستقبل، ما يخلق مسارًا تدريجيًا من الإيجار إلى التملك، ويضمن استقرارًا سكنيًا طويل الأمد.

هذا التوجه الاستراتيجي يأتي في سياق يعرف ارتفاعًا مستمرًا في نسبة التمدن، التي بلغت 62.8% سنة 2024، مقابل 60.3% في 2014، ما يجعل الحاجة إلى حلول سكنية مبتكرة أكثر إلحاحًا، خاصة في المدن الكبرى والمجالات الحضرية التي تشهد توسعًا عمرانيا ونموا سكانيا متسارعا.