كشفت دراسة علمية جديدة من أن آثار أكبر فيضان عرفه كوكب الأرض قبل أكثر من 5 ملايين سنة، ما زالت محفورة بوضوح في الطبقات الجيولوجية جنوب شرق جزيرة صقلية، عندما اندفعت مياه المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق نحو حوض البحر الأبيض المتوسط، قبالة الشواطئ المغربية.
ووفقا للدراسة المنشورة في دورية "نيتشر كومنيكيشنز إيرث أند إنفايرومنت"، فقد وفرت الرواسب الصخرية المختلطة هناك أول دليل واضح على اليابسة يؤكد حدوث فيضان أطلق عليه اسم "زانكلين".
ويعود هذا الحدث الجيولوجي إلى فترة أزمة الملوحة المسينية، حين أغلقت الأنشطة التكتونية مضيق جبل طارق، مما أدى إلى جفاف شبه كامل للبحر المتوسط وتحوله إلى أحواض مالحة، ما تسبب في انقراض ثلثي الأنواع البحرية وتغيرات كبيرة في النظام البيئي.
وأشار الباحث الرئيسي آرون مكاليف إلى أن الفيضان الهائل بدأ بعد انهيار سلسلة جبلية فاصلة بين المحيط والبحر، ما سمح بتدفق المياه بسرعة تجاوزت 100 كيلومتر في الساعة، ورفع مستوى سطح البحر المتوسط بأكثر من 10 أمتار يوميًا لمدة عامين، مخلفا قنوات وأخاديد عميقة ما زالت آثارها مرئية في قاع البحر.
كما أظهرت التحاليل الجيولوجية وجود تلال وتراكمات صخرية ضخمة نتجت عن تدفق المياه، إضافة إلى أدلة على تآكل كبير تم تسجيله على السواحل الجنوبية، خاصة في الجزائر والمغرب، حيث جرى كشف وديان عميقة بفعل انخفاض مستوى سطح البحر.
ورغم ضخامة هذا الحدث، أوضح مكاليف أن أزمة الملوحة المسينية لا تُعتبر سببا مباشرا للزلازل في المنطقة اليوم، إذ تُعزى الزلازل الحالية إلى التحركات النشطة للصفائح التكتونية.