هكذا تساهم الرؤية الملكية في تدبير مشكل الجفاف وندرة المياه

 هكذا تساهم الرؤية الملكية في تدبير مشكل الجفاف وندرة المياه
آخر ساعة
السبت 30 يوليو 2022 - 1:29

من المؤكد أن ندرة المياه أصبحت مشكلا عالميا تعاني منه معظم الدول بغض النظر عن قوة اقتصاداتها، والمغرب واحد من هذه الدول التي أثر الجفاف خصوصا على مخزونها المائي.

لكن المملكة ارتأت أن تتصدى لهذا المشكل وأن تستبق ما قد يطرأ مستقبلا من احتياجات، وذلك من خلال عدة مشاريع ومخططات تهدف إلى استثمار الثروات الطبيعية للبلد.

 وفي هذا الصدد، أصدر الملك محمد السادس توجيهاته للحكومة من أجل اتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة موجة الجفاف، حيث ترأس  عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، بتاريخ 17 فبراير من العام الجاري،  اجتماعا حول التدابير الاستعجالية الضرورية بهذا الخصوص.

 كما وضعت الحكومة برنامجا استثنائيا للتخفيف من آثار نقص التساقطات المطرية، والحد من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي، من خلال تقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين. وبلغت القيمة المالية لهذا البرنامج 10 ملايير درهم. 

وارتكز البرنامج على 3 محاور رئيسية، يتعلق الأول بحماية الرصيد الحيواني والنباتي وتدبير ندرة المياه، ويستهدف المحور الثاني التأمين الفلاحي، في حين يهم المحور الثالث تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين. 

وساهم صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بناء على أمر الملك، بمبلغ ثلاثة ملايير درهم في هذا البرنامج.

من جهة أخرى، وفي جرد سريع لمؤهلات المغرب الحالية يمكن أن نرصد توفر المغرب حاليا على 149 سدا كبيرا، و136 سدا صغيرا، و9 محطات لتحلية مياه البحر، و158 محطة لمعالجة المياه العادمة.

وهذه المنشآت موجهة لتوفير مياه الشرب والسقي وإنتاج الطاقة الكهرومائية والحماية من الفيضانات ومواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

على المستوى التشريعي والمؤسساتي، تم تسجيل تقدم مهم في هذا الصدد من خلال سن قانون الماء 36-15 عوض القانون 95-10 مع التأكيد على استمرارية تدبير وحماية الموارد المائية على صعيد الحوض المائي.

وفي ذات السياق، تم إصدار القانون 15-30 المتعلق بسلامة السدود الذي ينص على إلزامية تصنيف السدود وعلى ضبط قواعد سلامتها بنصوص تنظيمية.

وتفيد معطيات صادرة عن وزارة التجهيز والماء، أنه، رغم مساهمة التساقطات في بلوغ حجم المخزون المائي بحقينات السدود إلى غاية أبريل الجاري حوالي 5.52 مليار م3 أي ما يعادل 34,2 في المائة كنسبة ملء إجمالي، فإن العجز المسجل بالنسبة للواردات المائية من فاتح شتنبر 2021 إلى حدود أبريل 2022 بلغ حوالي 86 في المائة مقارنة مع متوسط الواردات لنفس الفترة.

وعليه، قامت الوزارة المعنية بصياغة البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي يهدف إلى تسريع وتيرة الاستثمار في مجال الماء من أجل مواكبة الطلب المتزايد على الموارد المائية وضمان الأمن المائي للبلاد والحد من تأثير التغير المناخي، بكلفة إجمالية تبلغ 115,4 مليار درهم.

وفي هذا الصدد، قامت الوزارة بتحديد الآفاق المستقبلية لمشروع المخطط الوطني للماء 2050، وذلك عبر مواصلة سياسة السدود الكبرى، وتوسيع شبكة الأنظمة المائية من خلال مشاريع للربط بين الأحواض المائية لضمان تدبير مرن للموارد المائية، والتقليص من الفوارق المجالية، وإنجاز السدود الصغرى و البحيرات التلية، وتطوير تحلية مياه البحر لتبلغ القدرة الإنتاجية القصوى وهي 1 مليار م3/السنة، مع اللجوء إلى الطاقات المتجددة  وخفض معدل توحل السدود بنسبة 10 إلى 20 في المائة عبر تهيئة الأحواض المائية.

ويهدف مشروع المخطط الوطني للماء 2050 أيضا تحسين النجاعة المائية عبر مواصلة برنامج الاقتصاد في مياه السقي من خلال تحويل أنظمة السقي إلى الموضعي، والتجهيز الهيدروفلاحي للمساحات المرتبطة بالسدود، وكذا صياغة برنامج لتجميع وتثمين مياه الأمطار ، فضلا عن إعادة استعمال 340 مليون م3 / السنة من المياه العادمة المعالجة.

وكل ما ذكر يؤكد حرص المغرب، بتجربته الكبيرة وريادته، على توفير الأمن المائي على المستوى الوطني والإسهام في ذلك على المستويين الإفريقي والدولي.

وتنويعا لمصادر المياه، لم يكن المغرب ليفوت الثروة البحرية الهامة التي يتوفر عليها من خلال إنشاء محطات لتحلية ماء البحر، وفي هذا الصدد كشف نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن الحكومة ارتأت اللجوء إلى تحلية مياه البحر لتأمين تزويد العديد من المناطق بمياه الشرب والسقي، من بينها مدينة الحسيمة وجهة أكادير.

وأوضح الوزير، في معرض إجابة له على سؤال كتابي بمجلس النواب، أنه توجد حاليا عدة محطات قيد الدراسة، تمت برمجتها في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 20-27، أهمها محطة في جهة الدار البيضاء – سطات، بسعة تقدر بـ 300 مليون متر مكعب في السنة؛ تم إطلاق طلب إبداء الاهتمام الخاص بها في مارس 2022، وأخرى في طور البلورة أو قيد الإنجاز بكل من مدن أسفي والداخلة، وسيدي إفني، وطرفاية والجهة الشرقية.

كما يرتقب أن يتم إطلاق دراسة جدوى متعلقة بإنجاز محطة لتحلية مياه البحر بالشاطئ الأبيض بكلميم، من شأنها أن تلبي حاجيات الماء الصالح للشرب، بالإضافة إلى سقي الأراضي الفلاحية.

كما أكد بركة أن المغرب انخرط منذ عقود في تلبية حاجيات البلاد من الماء ومواكبة التطور الذي يشهده في مسلسل التحكم في الموارد المائية عن طريق إنجاز منشآت مائية كبرى لتعبئة المياه السطحية، وإنجاز آلاف الآبار والأثقاب لاستخراج المياه الجوفية.

وقد ساهمت هذه المنشآت بشكل كبير في توفير الماء الشروب والصناعي وكذلك تلبية الحاجيات من مياه السقي، وفي تأمين التزويد بالماء خلال فترات الجفاف.

يذكر أنه منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي تم اللجوء إلى تحلية مياه البحر لتزويد أقاليم الجنوب بالماء الشروب، نظرا لضعف الموارد المائية التقليدية بها؛ وذلك عن طريق إنجاز محطات صغرى وأخرى متوسطة، منها محطة مدينة العيون، ومحطة بوجدور ومحطة طانطان.