المغرب والطاقات المتجددة.. استراتيجية ملكية تتوخى الريادة قاريا وعالميا

 المغرب والطاقات المتجددة.. استراتيجية ملكية تتوخى الريادة قاريا وعالميا
آخر ساعة
الجمعة 29 يوليو 2022 - 14:18

طبقا لتوجيهات الملك محمد السادس، اعتمد المغرب منذ سنة 2009، استراتيجية طاقية، ترتكز أساسًا على تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية وكذا تعزيز الاندماج الإقليمي.

هذه الاستراتيجية، التي تمت ترجمتها إلى برامج ذات أهداف محددة، والتي تمت مواكبتها بإصلاحات تشريعية ومؤسساتية مستهدفة، أثبتت فعاليتها وأهميتها، مما مكن المغرب من أن يصبح دولة منتجة لمصادر الطاقات المتجددة، بعد ما كان يعتمد كليا على الخارج لتلبية احتياجاته من الطاقة الأحفورية..

ويطمح المغرب، من خلال استراتيجيته لتطوير الطاقة المتجددة، إلى ضمان استقلاليته الطاقية نسبيا، والإسهام في تقليص الانبعاثات الغازية، وإنتاج طاقة متجددة تشكل مستقبل الاستهلاك البشري.

هذه السياسة المغربية في المجال صارت محط إعجاب العديد من مراكز التفكير والمؤسسات الإعلامية وكذا المنظمات الدولية، التي أجمعت على كون المملكة أضحت مرجعا دوليا ونموذجا يحتذى به.

وقد بدأت المملكة تجني فعلا ثمار استراتيجيتها في هذا الباب، حيث تفيد الأرقام والإحصائيات الرسمية، أنها تمضي بثبات نحو تحقيق أهدافها على مستوى اعتماد الطاقات النظيفة في إنتاج الكهرباء.

وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن المكتب الوطني للكهرباء والماء، فإن مساهمة الطاقات المتجددة في تلبية الطلب على الطاقة الكهربائية ارتفع بشكل ملحوظ، حيث بلغت حصة الإنتاج من مصادر الطاقة الشمسية 4.5%، أي بمعدل زيادة 20%.

وبخصوص الطاقة الريحية، فقد وفرت للمغرب 12.4 بالمائة، من حاجياته الكهربائية، بارتفاع بنسبة 11 بالمائة، كما تم تسجيل تراجع على مستوى إنتاج الكهرباء باعتماد مصادر الغاز الطبيعي إلى نسبة 8.5 بالمائة.

كما تهدف هذه الاستراتيجية إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي إلى أكثر من 52٪ في أفق سنة 2030، حيث اعتمد المغرب نهجا جديدا يتمثل في اعتماد برنامج إضافي لدعم جميع محطات تحلية مياه البحر المبرمجة بوحدات إنتاج الطاقة من مصادر متجددة وذلك من أجل ضمان الإنتاج الذاتي وتوفير الطاقة.

كما تروم الاستراتيجية استكشاف مصادر جديدة للطاقة مثل تحويل طاقة النفايات (الكتلة الحيوية) في المدن المغربية الكبرى، واستخدام الطاقات المتجددة، قدر الإمكان، وبالتالي تحسين النجاعة الطاقية في المباني العمومية، كجزء من برنامج رئيسي عن مثالية الدولة في هذا المجال.

يوجد بالمغرب اليوم حوالي 111 مشروعا من الطاقات المتجددة في طور الاستغلال أو التطوير، حيث تم إنجاز قدرة كهربائية إجمالية من مصادر الطاقات المتجددة تناهز 3950 ميغاواط، لتمثل حوالي 37% من القدرة الكهربائية المنجزة (1430 من الطاقة الريحية و750 من الطاقة الشمسية و1770 من الطاقة الكهرومائية).

كما بلغت مساهمة الطاقات المتجددة حوالي 20% في تلبية الطلب على الطاقة الكهربائية؛ تم تسجيل تراجع نسبة التبعية الطاقية من 97,5 % سنة 2009 إلى 90,5 % حاليا؛

ولتفعيل هذه البرامج والمشاريع الطاقية، عملت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة على بلورة مشروع القانون 19-40 المغير والمتمم للقانون 09-13 المتعلق بالطاقات المتجددة (تحسين مناخ الأعمال، تبسيط المساطر، تعزيز الشفافية، ضمان الولوج الى المعلومة، تعزيز الإنتاج اللاممركز، الاندماج الصناعي وتقوية القدرات الوطنية).

كما قامت الوزارة ذاتها بإحداث الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) ومعهد الأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة وكذلك هيكلة الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، إضافة إلى إحداث وكالة وطنية مستقلة لضبط قطاع الكهرباء من أجل مصاحبة التطور الذي عرفه قطاع الطاقة الوطني، والتي ستسهر على السير الأمثل لسوق الكهرباء، وتحديد التعريفات وشروط الولوج للشبكة الكهربائية والربط الكهربائي.

ومن أجل تسريع وثيرة الإنتقال الطاقي، أطلقت المملكة عدة مبادرات وبرامج جديدة لدعم الاستثمار في الطاقات المتجددة تتمثل في:

- برنامج يهم قدرة إجمالية تبلغ 400 ميغاواط لإنجاز مشاريع من الطاقة الشمسية الفتوضوئية بهدف دعم المقاولات المتوسطة والصغرى وخلق فرص شغل جديدة (الإعلان عن طلبات العروض يوم 31 دجنبر 2021).

- إعداد خارطة الطريق الوطنية للطاقة الهيدروجينية (المغرب مؤهل لاستقطاب ما يناهز 4 % من السوق الدولية).

- إعداد خارطة طريق وطنية للتثمين الطاقي للكتلة الحيوية (توفر مكامن مهمة تفوق 20 مليون ميغاواط ساعة في السنة، وتستهدف النفايات المنزلية والفلاحية والغابوية وكذا المياه العادمة).

- تطوير برنامج لتزويد المناطق الصناعية بطاقة كهربائية نظيفة وخاصة المتجددة (الشطر الأول يهم 50 ميغاواط بالمنطقة الصناعية بالقنيطرة (طلب الترخيص لهذا المشروع قيد الدراسة)، وباقي المناطق الصناعية ذات الأولوية في المرحلة الثانية بطاقة تقدر بحوالي 800 جيغاواط).

- تزويد محطات تحلية مياه البحر باللجوء إلى الطاقات المتجددة وخاصة الريحية والشمسية (أول يوجد قيد التطوير بمنطقة الداخلة).

- وضع لجنة تقنية والشروع في بلورة خارطة طريق لتطوير طاقة التيارات البحرية.