اختار مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن يجيب على السؤال الذي يعرف الجميع إجابته بدون استثناء، وهو أن الهجمات جاءت من طرف "أعداء للمملكة".
لا أحد يقوم بهجمات سيبرانية لأن الأمر يروق له فقط !
بايتاس اختار الإجابة عن سؤال "لماذا فعلها؟"، تاركاً الإجابة عن الأسئلة الأهم في مثل هذه الحالات: من فعلها؟ كيف فعلها؟ وماذا نحن فاعلون؟
الرجل أخطأ تقدير الزمن حتى في إجابته السهلة الجاهزة تلك، وألقى الكرة في مكان خاطئ تماماً، بعد أن عزا سبب الهجمات لاعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه، معتبراً أن كل هذه الكارثة المعلوماتية الهدف منها "التشويش على الإنجاز المغربي"، بينما الحقيقة أن عملية القرصنة جاءت قبل الاعتراف المذكور.
ثم إن إجابة السؤال لم تكن تحتاج إلى كل هذا الاجتهاد، فمتبنّو العملية أعلنوا أن السبب هو ما تعرضت له وكالة الأنباء الجزائرية من حظر لصفحتها على منصة X، والذي يعتقدون أن المغاربة هم من تسببوا به.
كل شيء واضح ومعلن في هذا الباب، ولم يكن ينتظر أحد من بايتاس إجابةً معروفة أصلا، ولا حتى اجترار بيان صندوق الضمان الاجتماعي.
ما يبحث عنه الصحافي، وخلفه الرأي العام، هو المعلومات المهمة فعلا، والمتمثلة في من فعلها فعلاً، وكيف استطاع أن يفعلها، بما يمثل الفعل من خطورة شديدة على أمن المؤسسات والمواطنين على حد سواء.
كيف تعاملت المؤسسات لحماية ما تبقى من معطيات بعد ذلك؟ ما هي الثغرة التي تم استغلالها؟ وأين يكمن الخطا فعلا ومن يتحمل مسؤوليته؟
والأهم من كل هذا، ما هو رد فعل الحكومة بكل مكوناتها، وكيف ستكون ردة فعلها قانونياً وديبلوماسيا، تجاه فعل عدائي واضح، احتفت به وسائل الإعلام الجزائرية بكل فخر؟
ومستقبلاً، كيف ستعمل الحكومة على حماية مؤسساتها، وكيف يمكنها أن تطمئن المواطن بعد ما حدث؟
هذه هي الأسئلة التي كان ينتظر الجميع إجابتها من بايتاس، والتي لم يقدم أي معلومة بخصوصا للأسف، مكتفيا بكلام فضفاض يوضح تماما أن هناك تنصلاً من مسؤولية إخبار الرأي العام الحقيقية، ومهمة التواصل التي يجب أن تشبع الفضول الإعلامي، والاهتمام المجتمعي.