أعلنت مالي والنيجر وبوركينا فاسو، أمس الأحد، عن قرارها باستدعاء سفرائها من الجزائر، بعد إسقاط طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي أواخر مارس الماضي.
توتر جديد تعيشه الجزائر التي أصبحت خبيرة في إطلاق النار على قدمها، ومعاداة القريب والبعيد، في تصرفات هوجاء تنذر بأن النظام الجزائري أضحى أكثر هشاشة وارتباكا من ذي قبل.
بداية الحكاية
بدأت الحكاية عندما أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، نهاية شهر مارس، أن الجيش أسقط طائرة استطلاع مسيّرة مسلحة "انتهكت المجال الجوي للبلاد بالقرب من بلدة تين زاوتين الحدودية".
بينما ذكر الجيش المالي حينها أن إحدى طائراته المسيرة تحطمت أثناء قيامها بمهمة مراقبة روتينية.
وتابع البيان أن وحدة من الدفاع الجوي عن الإقليم بالناحية العسكرية السادسة "تمكنت من رصد وإسقاط الطائرة ليلة 1 أبريل 2025، عند منتصف الليل، بعدما اخترقت الحدود الوطنية بعمق كيلومترين قرب بلدة تين زاوتين الحدودية، الواقعة جنوبي البلاد".
ورغم نجاح العملية العسكرية، ولإضفاء غموض على الموضوع، وربما إحالته على دولة أخرى لاحقا، لم تكشف وزارة الدفاع الجزائرية عن هوية الطائرة أو الجهة المسؤولة عن إطلاقها، فاتحةً الباب أمام التساؤلات حول الجهة التي تقف وراء هذا الاختراق الخطير للأجواء الجزائرية.
محاولة خبيثة ودعم للإرهاب
أياماً فقط بعد ذلك، تقرر كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو، المتكتلة في مجلس رؤساء دول كونفدرالية دول الساحل (AES)، أن تستدعي سفراءها المعتمدين في الجزائر للتشاور، وذلك "على خلفية إسقاط طائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة والأمن في جمهورية مالي، تحمل رقم التسجيل TZ-98D، نتيجة لعمل عدائي ارتكبه النظام الجزائري في ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025 بمنطقة تنزواتين، دائرة أبييبرا، في إقليم كيدال".
المجلس أعرب عن أسفه الشديد لهذا "العمل العدائي"، معتبراً أن القرار الصادر في 22 ديسمبر 2024 نصّ على اعتبار المجال الكونفدرالي مسرحا موحدا للعمليات العسكرية، وبالتالي فإن إسقاط الطائرة المسيّرة يُعد عدوانا يستهدف كافة الدول الأعضاء في الكونفدرالية، و"محاولة خبيثة" لدعم الإرهاب والمساهمة في زعزعة استقرار المنطقة".
البيان ذهب أبعد من هذا حين أوضح أن التحقيق حول الحادث كشف أن إسقاط الطائرة "حال دون تحييد مجموعة إرهابية كانت تخطط لتنفيذ أعمال إرهابية ضد دول الكونفدرالية"، معتبر أن ذلك يضفي على الحادث خطورة إضافية".
كما أدانت الدول الثلاث هذا التصرف الذي وصفته بغير المسؤول، باعتباره "يشكل انتهاكا للقانون الدولي، ويضرب عرض الحائط بالعلاقات التاريخية والأخوية التي تربط شعوب الكونفدرالية بالشعب الجزائري"، مطالبة النظام الجزائري بتبني موقف بنّاء يسهم في تعزيز السلم والأمن في المنطقة.
ردود فعل أشد
في العموم، يرى محللون سياسيون أن الحادث لن يتصاعد إلى ما هو أبعد من سحب السفراء والخطابات الدبلوماسية بسبب القدرات المحدودة للتحقيق في مالي والديناميكيات الجيوسياسية السائدة.
لكن، مع ذلك، فإن هذا الوضع يبرز التوترات الإقليمية المتزايدة والعزلة الدولية المتزايدة للجزائر، والتي استفحلت أكثر بمعاداتها لحكومات التحالف العسكري لدول الساحل، التي شكلت تحالفها الخاص بعد مغادرتها للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).