في خطوة تهدف إلى الحد من ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، قررت الحكومة المغربية استيراد اللحوم الطرية والمجمدة.
هذه الخطوة كلفت الدولة المغربية أكثر من ملياري درهم، في الفترة ما بين ديسمبر 2022 ومارس 2024، بعد إعفاء مستوردي الأبقار من الرسوم الجمركية ومن الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن تكلفة إعفاء مستوردي اللحوم المبردة والمجمدة.
ورغم هذا الإجراء، إلا أن الأسعار لم تشهد انخفاضا ملموسا، إلى اليوم، حيث لا تزال أسعار اللحوم تشكل عبئا على القدرة الشرائية للمواطنين، في مجمل مدن ومناطق المملكة.
ومع اقتراب شهر رمضان، فإن الوضع يبدو أنه يزداد سوءاً، والأسعار في طريقها للارتفاع أكثر.
استيراد الأطنان.. دون جدوى
وفق تقارير اقتصادية، فإن عملية الاستيراد، ابتداءً من 1 يناير إلى غاية 6 فبراير الجاري، وصلت إلى 106 آلاف رأس ماشية، بينها 20 ألف من الأبقار، بينما بلغت حصة اللحم الطري المستورد 660 طنا.
بالمقابل، كشف وزير الفلاحة والصيد البحري، أحمد البواري، أن المغرب استورد، في المجمل، أكثر من مليون رأس من الماشية، منها نحو 167 ألف رأس من الأبقار و906 آلاف رأس من الأغنام، إضافة إلى 1724 طنا من اللحوم الحمراء منها 110 آلاف طن من اللحوم المجمدة.
ومع ذلك، يؤكد آخر تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، أن أسعار اللحوم شهدت ارتفاعا بنسبة 2.7% بين شهري شتنبر وأكتوبر 2024، بالمقابل بلغت الزيادة 1% بين نونبر ودجنبر.
هذه المعطيات تعكس استمرار الضغط على السوق، رغم إجراءات الاستيراد التي كان من المفترض أن تخفف من حدة الغلاء.
وفي محلات الجزارة في مختلف مدن المملكة يُباع لحم البقر بـ 120 درهما للكيلوغرام، بينما يصل سعر اللحم المفروم إلى 130 درهما، ويتجاوز سعر لحم الغنم 150 درهما.
أما في الأسواق الممتازة، فقد تصل الأسعار إلى أكثر من 200 درهم، ما يجعلها بعيدة عن متناول العديد من الأسر المغربية.
الحكومة في مرمى النيران
في سؤال للبرلماني عبد اللطيف الزعيم، موجّه إلى وزير وزير الفلاحة والصيد البحري، أحمد البواري، يورد المتحدث أن الأسر المغربية لا زالت تواجه صعوبات كبيرة في تأمين احتياجاتها الأساسية من اللحوم.
ويشير الزعيم إلى أن المقاربة الحالية للحكومة بحاجة إلى مراجعة شاملة، تركز على تحسين الإنتاج المحلي، وضبط السوق بآليات أكثر فعالية، لتحقيق استقرار الأسعار وضمان استفادة المواطنين بشكل حقيقي من السياسات الحكومية.
وعليه، فإن حكومة أخنوش تجد نفسها في مرمى النيران بعد الفشل الواضح في سياسة استيراد اللحوم الحمراء، التي لم تؤتِ أكلها لحد اللحظة على الأقل.
وعموما، تشكك المعارضة في البرلمان في مدى فعالية الواردات، ومنح مزايا ضريبية يستفيد منها، بحسب بعض النواب، الوسطاء أكثر من المربين "الكسابا".
ووفق فاعلين جمعويين مهتمين بحقوق المستهلك، فإن سبب استمرار الغلاء يعود، من بين أسباب أخرى، إلى أن اللحوم الطازجة المستوردة يتم توزيعها على المطاعم والأسواق الكبرى فقط، ولا تصل إلى محلات الجزارة والأسواق الشعبية، وبالتالي تبقى بعيدة عن المستهلك.
ويشكك هؤلاء في فعالية المبادرات الحكومة، محذرين من استفادة أصحاب رؤوس الأموال الذين دخلوا غمار استيراد العجول والأبقار رغم أنهم ليسوا من مهنيي القطاع، مستفيدين من دعم الدولة، ليصبحوا بعد ذلك متحكمين في الأسعار "في غياب أي مراقبة أو زجر".