قال محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، إن استضافة المغرب للنسخة الحالية من "مؤتمر المستقبل"، "يأتي في إطار إشعاع هذه المبادرة داخل القارة الإفريقية، خصوصا وأن المملكة المغربية جعلت من تعزيز موقعها الإقليمي في القارة الإفريقية واحدا من أهم أهدافها السياسية والجيو_استراتيجية العامة، القائمة على اعتبار التعاون جنوب-جنوب ودعم المبادرات التنموية والتضامنية، كأحد أركان السياسة الإفريقية للمغرب".
كما لفت ولد الرشيد، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، الذي ينعقد لأول مرة خارج الشيلي وأمريكا اللاتينية، اليوم الثلاثاء لمجلس النواب، إلى أهمية المبادرات الاقتصادية والسياسية الكبرى التي أطلقها المغرب خلال السنوات القليلة الأخيرة في علاقته بدول إفريقيا جنوب الصحراء، بمبادرة ورعاية من الملك محمد السادس، "من بينها مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، ومبادرة تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي ، والتي من شأنها تعزيز أسس الاستقرار في المنطقة ومعالجة القضايا المرتبطة بالهجرة والأمن والتنمية".
وشدد المتحدث على أن مصير الإنسانية "مشترك"، وأن التحديات التي تواجه الوجود الإنساني اليوم أضحت تتخطى الحدود التقليدية؛ باعتبارها تحديات عابرة لحدود الجغرافيا وللخصوصيات المحلية والثقافية؛ ولا يمكن اختزالها في مجرد قضايا تقنية تحل بمعادلات رياضية أو سياسات قطاعية، بل هي قضايا وجودية تمس جوهر الإنسانية ووجودها.
والمغرب، وفق رئيس مجلس المستشارين دائما، يعي حجم هذه المخاطر، من خلال حرصه على تبني توجه استباقي قائم على استراتيجيات تنموية، لتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان السيادة الطاقية، وتسريع وتيرة التحول إلى الاقتصاد الأخضر، "لا سيما على مستوى الاستثمار في الطاقات المتجددة، وفق أهداف الخطة الوطنية منخفضة الكربون طويلة الأمد 2050، التي قدَّمها المغرب للأمم المتحدة في نهاية عام 2021".
كما أبرز ولد الرشيد أن الالتزام لا يقتصر على قضية المناخ فحسب، "بل يمتد ليشمل الأمن الغذائي، خصوصا في ظل الاكراهات والتغيرات المناخية والنزاعات الإقليمية، و بلادنا لعبت وتلعب دورا رياديا بقيادة عاهل البلاد، في إطلاق ودعم عدد من المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى تطوير الشراكات بين عدد من مناطق ودول العالم، وخصوصا المنطقة العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية والكارييب، وعلى رأسها المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية، التي تعرف بمبادرة "Triple A» التي أطلقها جلالته بمناسبة قمة المناخ "كوب 22"".
وبخصوص مسألة السلم والأمن الدوليين، التي سيتناولها المؤتمر أيضا، شدد المتحدث على أن المملكة المغربية أظهرت على الدوام التزاما ثابتا ودائما لفائدة حفظ السلام والأمن في العالم، وذلك انسجاما مع رؤية ملكية للسياسة الخارجية المغربية، "مرتكزة على الالتزام بالعمل المشترك، وتكريس قيم التضامن الفاعل والتعاون البناء، ونشر قيم الحوار والسلم والتعايش في العالم، والمساعدة على إقراراهما حفاظا على الأمن ونبذا للصراعات والحروب، والتشبث بالحل السلمي للنزاعات، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى".
وختم ولد الرشيد أن قضية الهجرة ليست مجرد أزمة عابرة، بل ظاهرة أضحت تتخذ أبعادا مقلقة، وتتطلب إدارتها رؤية إنسانية شاملة توازن بين السيادة الوطنية وحقوق المهاجرين، "والمغرب، يقدم نموذجا يمكن أن يحتذى به في هذا الاطار، ولا أدل على ذلك، التوافق الدولي حول "الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة"، الذي تم اعتماده خلال الاجتماع رفيع المستوى المنعقد بمدينة مراكش في دجنبر 2018، والذي شكل لحظة تحول تاريخية في التعاطي مع قضية الهجرة".