حرائق الغابات بالمغرب.. كيف غافلت المخطط الرئيسي للمحاربة والوقاية منها؟

 حرائق الغابات بالمغرب.. كيف غافلت المخطط الرئيسي للمحاربة والوقاية منها؟
عبد الكبير الورياغلي
السبت 16 يوليو 2022 - 14:48

تتكرر حرائق الغابات كل عام في المغرب، ما يعني أن توقع حدوثها ليس أمرا صعبا، وأن استباق ذلك ينبغي أن يكون مخططا له بشكل جيد للتقليل من حدتها، ولم لا تجنبها بشكل كلي.

ولعل الحرائق التي تلتهم، منذ صباح الخميس، عددا من غابات المغرب، في العرائش والقصر الكبير وتطوان وتازة، مساحات شاسعة بشكل متسارع، مع مجهودات كبيرة متواصلة للسيطرة عليها، خير دليل على أن استباق هذه الحرائق والوقاية منها لا زال عملية غير ناجعة بالشكل المطلوب.

صحيح أن الأسبوع المنصرم شهد حرارة قياسية، ورياح "شرقي" قوية، مما جعل انطلاق شرارتها أكثر سهولة، والسيطرة على انتشارها أكثر صعوبة.

لكن، مع ذلك، يبقى اندلاع النيران في الغابات أمرا غير جديد، ويفترض أن يلعب المخطّط الرئيسي لمحاربة والوقاية من حرائق الغابات، الذي يتبناه قطاع المياه والغابات بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، دورا هاما في إخماد هذه النيران في مهدها، للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية التي لا يخفى على أحد أهميتها.

وقد كشفت الدّراسات أنّه، خلال 50 سنة الماضيّة (من 1960 إلى 2009)، تمّ تسجيل 129112 حريق أتلف ما يناهز 142.292 هكتار من الغابات، أي ما يعادل 2986 هكتار خلال كل سنة، حيث سجّلت أعلى نسبة سنة 1983 (11.289 هكتار) وأدنى نسبة 1983 (503 هكتار).

وعودةً إلى المخطط المذكور الرامي إلى تدبير حرائق الغابات في المغرب، فهو من المفترض أن يعمل على إعداد آليات الاستشعار تسمح بتقييم درجة الخطورة وتسمح أيضا باستباق إمكانية حدوث الحرائق من خلال التدابير الوقائيّة والردعيّة المناسبة، وكذا تحسين والارتقاء بنجاعة تجهيزات ووسائل التدخل، إضافة إلى تعزيز القدرات التقنيّة للطاقم المكلّف بحماية الغابات من الحرائق وملاءمة وتعزيز أدوات التواصل وتحسيس المواطنين بمخاطر حرائق الغابات وبتدابير الوقاية منها.

إلى ذلك، ووفق ما جاء في موقع الوزارة، فإن  قطاع المياه والغابات يقوم بشكل سنوي، وبشراكة مع مجموع الفاعلين المعنين خاصّة الوقاية المدنيّة، والدرك الملكي، والقوات المسلّحة الملكيّة، والقوات المساعدة، والسلطات المحليّة ووزارة التجهيز والنقل، والمكتب الوطني للمطارات، بتنفيذ برنامج عمل لمحاربة والوقاية من حرائق الغابات.

ويرتكز هذا البرنامج على الوقاية أولا، من خلال تحسيس المواطنين عبر بث وصلات تحسيسيّة بالقنوات التلفزيّة وإعلانات بالمذياع وكذلك عبر تنظيم لقاءات بالدواوير والأسواق قصد الإرشاد، وكذا التدخل لدى وزارة النقل، والمكتب الوطني للسكك الحديديّة، والمكتب الوطني للكهرباء، من أجل ترميم واقتلاع الأشجار المحاذيّة للطرقات والمسالك السككيّة وخطوط التيارات الكهربائيّة العالية التوتر التي تمر وسط الغابات. 

إضافة إلى ذلك، وفي إطار الوقاية دائما، يعمل المخطط على إطلاق عمليات الحراجة وترميم الأغراس، وملاءمة وتعزيز وسائل التواصل مع المواطنين والتحسيس بمخاطر حرائق الغابات، وكذا تدعيم البنى التحتيّة وتجهيزات الوسط الغابوي كمسالك الولوج، ونقاط المياه، والطرق الغابويّة، وخنادق جذران النار.
كما يرتكز البرنامج على خطوة "الكشف والإنذار" والمتمثلة في تعزيز حراسة الغابات المتواجدة في المناطق الأكثر عرضة للحرائق من خلال إنشاء مراصد ثابتة ومتنقّلة للمراقبة (نقاط مراقبة، دوريات، وحرّاس)، وتدعيم شبكة المواصلات من أجل تحسين التبليغ عن الإنذار والتنسيق بين مختلف المتدخلين.

وفي ذات السياق، تم إعداد النسخ الأولى من الخرائط الخاصّة بمخاطر حرائق الغابات على مستوى المديريات الجهويّة (الريف، والشمال الشرقي، والشمال الغربي) الأكثر عرضة لهذه الآفة.

وكآخر إجراء متخذ والمتمثل في "المحاربة"، فإن المخطط يركز على تزويد وحدات التدخّل بالمعدات الأساسيّة لمكافحة الحرائق، وكذا اقتناء مواد الحد من سرعة انتشار الحرائق بالنسبة للمحاربة الجويّة (طائرات الدرك الملكي من نوع (Turbo Trush)، إضافة إلى المساهمة في تجهيز المطارات والقواعد الجويّة الاستراتيجيّة (طنجة، الناظور، القنيطرة، فاس سايس، وتازة) بالبنى التحتيّة والتجهيزات الأساسيّة (المنصات، حضيرة الطائرات، خراطيم إطفاء الحرائق، معدات ضخ المياه).

 كما تم، في إطار ذات الجزئية، تجهيز الوحدات الغابوية بآليات التدخل الأولي، والمساهمة في تغطية نفقات ساعات تحليق طائرات الدرك الملكي من نوع Turbo Trush.

لكن، يبدو أن مغافلة النيران لهذا المخطط والاستعدادات المسبقة أكدت أن الاشتغال عليه، وعلى حلول أخرى، أصبحت حاجة ملحة في ظل الظروف المناخية الصعبة التي يشهدها المغرب، والعالم ككل.