بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة، تتواصل جهود المغرب لترسيخ التحول الرقمي وتعزيز ريادته الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، سبق للمملكة أ، أعلنت عن مشروع استراتيجي جديد يتمثل في إطلاق عملة رقمية وطنية تحمل اسم "الدرهم الإلكتروني"، تحت إشراف بنك المغرب.
وقد مر هذا المشروع إلى خطوة متقدمة مؤخرا، بعد أن أطلق تجربتين بهذا الخصوص، ترومان تسريع تفعيل المبادرة الرقمية.
نقلة رقمية في المنظومة المالية المغربية
يشكّل هذا المشروع خطوة نوعية في مسار تحديث النظام المالي المغربي، من خلال رقمنة المعاملات وتطوير وسائل الدفع، في انسجام تام مع التحولات العالمية التي تشهد انخراط أكثر من 130 دولة في استكشاف العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية (MNBC).
ويهدف "الدرهم الإلكتروني" إلى تعزيز الشمول المالي وتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات البنكية، مع تقليص الاعتماد على المعاملات النقدية التي لا تزال تمثل حوالي 30% من الناتج الداخلي الخام.
وعلى عكس العملات المشفرة غير المركزية مثل "البيتكوين"، سيرتكز "الدرهم الإلكتروني" على نظام بلوكشين خاص وآمن، ما يضمن تتبع المعاملات وحمايتها من الاحتيال.
كما ستكون العملة الرقمية الجديدة مرتبطة مباشرة بقيمة الدرهم المغربي، ما يمنحها استقرارًا ماليًا يسهل من اعتمادها على نطاق واسع.
لا تقتصر أهمية "الدرهم الإلكتروني" على التحديث التقني، بل تتجاوزه إلى تحقيق أهداف استراتيجية، منها مكافحة الفساد وتبييض الأموال عبر الحد من تداول الأموال نقدًا، وتعزيز الشفافية وتتبع الحركات المالية بسهولة، وكذا تيسير المعاملات المالية بين المواطنين والإدارات والشركات، إضافة إلى تقوية حضور المغرب في النظام المالي العالمي الرقمي.
تجارب واقعية
وفي تطور لافت، أعلن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، مؤخرا، عن نجاح أول تجربة واقعية في مشروع العملة الرقمية، حيث تم تنفيذ عمليات دفع من شخص إلى آخر (P2P) باستخدام "الدرهم الرقمي"، ما يُعدّ خطوة متقدمة نحو اختبار العملة في الحياة اليومية.
جاء الإعلان خلال افتتاح الندوة القارية لجمعية البنوك المركزية الإفريقية، حيث كشف الجواهري عن تجربة ثانية مرتقبة بالتعاون مع البنك المركزي المصري، وبدعم تقني من البنك الدولي، لاختبار تحويل الأموال عبر الحدود، خاصة في قارة تُعدّ من الأغلى عالميًا من حيث كلفة التحويلات.
وأكد والي بنك المغرب أن العملة الرقمية لا تزال موضوع دراسة شاملة تشمل الجوانب القانونية والتنظيمية والاقتصادية، بتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من أجل إعداد إطار متكامل يتماشى مع الواقع المغربي ويُعزز متانة النظام المالي الوطني.
كما كشف الجواهري عن الانتهاء من صياغة مشروع قانون خاص بالأصول المشفّرة، يهدف إلى تقنين استخدامها وفق مقاربة احترازية تضمن حماية المستثمرين والمستهلكين، وتكافح تبييض الأموال، وتتفادى مخاطر الإقصاء المصرفي الناتج عن الوساطة الزائدة.
ورغم الانتشار المتزايد للعملات المستقرة والمشفّرة، شدد الجواهري على أنها لا تستوفي المعايير اللازمة لتُعتبر عملة رسمية، حسب ما تنص عليه معايير بنك التسويات الدولية، مشيرًا إلى هشاشتها أمام مخاطر الاحتيال وسوء الاستخدام.
