مهن عيد الأضحى الموسمية.. تعب وإرهاق من أجل دريهمات معدودة

 مهن عيد الأضحى الموسمية.. تعب وإرهاق من أجل دريهمات معدودة
عبد الكبير الورياغلي
الأحد 10 يوليو 2022 - 9:51

لا زالت الأحياء الشعبية في مدن المغرب وفية لعاداتها وتقاليدها رغم الكثير من التطور الذي شهده المغرب والعالم بشكل عام.

ولعل واحدا من أهم مظاهر هذا الوفاء هو المهن الموسمية التي ترافق عيد الأضحى، والتي يصر شباب هذه الأحياء على التشبث بها حتى وإن بدا أحيانا أن الحاجة إليها قد قلت، وربما انعدمت.

بيع الفحم والتين

إلى حد كبير، بدأت مجموعة من الأسر المغربية تستغني عن الفحم كوسيلة لشيّ اللحم، وتم استبدالها بآلات الشواء الكهربائية التي توفر الوقت والجهد.

لكن الباعة الموسميين في الأحياء بشكل عام يصرون على بيعها رفقة التبن والشعير، وهما على أية حال مادتان أساسيتان لإطعام الأضحية. لهذا، يعمل الشباب على "تقريب العلف" من المواطنين، وتجد في هذا الركن وذاك كومات لا بأس بها من التبن أو غيره، وهو طبعا لم ينجو من الغلاء الحارق الذي مس كل شيء.

يقول عزيز.ب "أواظب على شراء علف الكبش من أبناء الحي ككل عام، وللأسف في كل عام تكون هناك زيادة، ولو لدريهمات معدودة، لكن هذا العام كان الأمر مبالغا فيه جدا. ومع ذلك فلا حيلة لنا، ولا بد من إطعام الكبش قبل التضحية به".

شحذ السكاكين

قد تبدو مهنة هامشية غريبة لكنها على درجة كبيرة من الأهمية، خصوصا أن المضحين يعلمون أن إراحة الذبيحة واجبة، وأن الذبح ينبغي أن يكون سريعا وبضربة واحدة، وهذا لن يتوفر بسكاكين غير مشحوذة.

كما أن عملية السلخ المرهقة لا تتأتى إلا بوجود آلات حادة جدا لتسريع العملية، وفصل جسم الخروف عن "الهيضورة".

وعليه، فإن عددا من الشباب يقومون بهذه المهمة، منهم من يتقنها بحكم عمله الذي يكون في الأصل مرتبطا بأعمال الجزارة، ومنهم من يتطفل فتحدث مشاكل كثيرة في هذا الباب عندما يحتج الزبون على العمل غير المتقن.

يقول عبد الواحد.ط "أنا أشتغل كحداد، وفي العيد أخرج آلة الشحذ إلى الشارع لألفت انتباه الزبائن إلى وجود هذه الخدمة، كما أنني أكلف من يقوم بها بشكل متواصل ويومي إلى غاية صبيحة العيد.. هي وسيلة دخل لا بأس بها نستعين بها على الزمن".

شي الرؤوس

هي المهنة التي عمرها يوم واحد فقط، وهو يوم العيد، ولا تستمر بعده أبدا، لأن شيء الرأس يجب أن يكون في حينه، كي يتم طبخه مع الكسكس في الغد، كما أنه يتعرض للتعفن في حالة استمر نيئا أكثر من 24 ساعة.

وعن كلفة شي الرأس الواحد مع الأطراف الأربعة، يقول سعيد.س " نقوم باحتساب مبلغ 50 درهما للرأس الواحد، ورغم أنه يبدو مبلغا كبيرا لكن التعب الذي يكلفنا يستحق ذلك وأكثر".

ويضيف المتحدث "المهنة رغم بساطتها خطيرة، لأننا فعلا "نلعب بالنار"، وكم من شخص قد يتعرض لحروق ذات خطورة مختلفة، إضافة إلى اللهب والحرارة تحت أشعة الشمس المحرقة طيلة اليوم".

ويستطرد سعيد "إضافة إلى كل هذا، نحن نبدأ العمل فعليا في ليلة العيد حيث نجمع الحطب ونوفر برميلا حديدا وأسياخا أيضا".

هي فعلا مهن موسمية، وقد لا تدر دخلا كبيرا على أصحابها، لكنها تبقى جميلة بحكم العادة، وبحكم الأجواء التي توفرها والتي بدونها كان سيكون عيد الأضحى بدون طعم، أو على الأقل بطعم غير الذي تعودناه عليه.