استقلال حركة القبائل.. ربيع جزائري جديد

 استقلال حركة القبائل.. ربيع جزائري جديد
آخر ساعة
الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 9:09

أعلنت الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل، المعروفة اختصارا بـ"الماك"، السبت الماضي، عن استقلال ولاية القبائل عن الجزائر، خلال مهرجان خطابي نظم أمام مقر الأمم المتحدة بنيويورك.

هذا الإعلان جاء بعد نضالٍ دام لعقود، من أجل وضع حدّ لما وصفه أبناء الحركة بـالاحتلال الجزائري، ومن أجل رسم واقعٍ جديد لطالما حاولت الجزائر تصريفه لدول الجوار، وأن ترميَ الحجارة عليهم وبيتها من زجاج.

لم يأت اختيار هذا التاريخ بالضبط عبثاً، بل هو مرتبط بحدث مظاهرات 20 أبريل 1980 والتي شهدتها منطقة القبائل والجزائر العاصمة، وعُرفت بإسم "ربيع الأمازيغ"، وتم قمعها، حينها، بشكل دموي من قبل الجيش الجزائري.

 كما يصادف هذا التاريخ ما عرف بـ"الربيع الأسود"، سنة 2001، حين خرج فيه الآلاف من النشطاء في منطقة القبايل للتظاهر والمطالبة بحقوقهم السياسية والثقافية، وهو ما واجهه الجيش والأمن الجزائري، مرة أخرى، بالقمع الذي خلف مئات القتلى والجرحى والمعتقلين.

هلع وأحكام مجحفة

وعلى نفس المنوال، بمجرد الاستعداد لإطلاق خبر هذا الإعلان على لسان فرحات مهني، رئيس حكومة القبايل، انتفضت السلطات الجزائرية ونسيت، أو تناست، دعواتها لدول الجوار ودعمها لحق كيان وهمي في "الاستقلال" !

ومرة أخرى، قام الجيش وقوات الأمن الجزائرية بتطويق شوارع مدن تيزي وزو وبجاية، إضافة إلى قطع الإنترنت عن منطقة القبايل وكذا اعتقال العديد من الاشخاص واقتيادهم إلى وجهات مجهولة.

وفي يونيو من سنة 2021، اعتمدت السلطات الجزائرية تعديلات على قانون العقوبات الجزائري موسعةً بذلك تعريف الإرهاب ليشمل "السعي بأي وسيلة، للوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بغير الطرق الدستورية"،

وهو التعريف الذي اعتبرته منظمة العفو الدولية أمنستي "مفرطا في العمومية"، ويمكن أن يؤدي إلى تجريم الدعوات السلمية.

وقالت آمنة القلالي، مساعدة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن إقدام السلطات الجزائرية على إطلاق نعت الإرهابيين على النشطاء السلميين وهرولتها لإدراج تعريف واسع جديد للإرهاب في تشريعاتها "هما مؤشر على تصميمها المخيف على ترهيب المنتقدين السلميين لإسكاتهم والقضاء على المعارضة السياسية".

وسبق لمحكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية أن قضت، شهرَ يناير الماضي، غيابياً، بسجن زعيم "حركة الحكم الذاتي بالقبائل"، فرحات مهني، وستة أشخاص آخرين 20 سنة مع التنفيذ، بتهمة "ارتكاب أعمال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية".

كما شملت الأحكام 20 متهمين آخرين، وقفوا أمام القاضي لمساءلتهم حول الوقائع المنسوبة إليهم، حيث أدانتهم المحكمة بعقوبات تراوحت بين 3 سنوات و10 سنوات مع التنفيذ، بتهمة "المتاجرة في الذخيرة الحربية، ونشر أخبار مغرضة تمس بأمن الدولة".

ترحيب في المغرب

بمجرد إعلان خبر الاستقلال، قامت فعاليات مدنية وسياسية مغربية بتثمين الخطوة ودعمها، مع مطالبة الدول والمنظمات حول العالم بالاعتراف الرسمي بهذه الدولة المستقلة عن الجزائر بخصوصياتها الثقافية واللغوية والتاريخية.

وفي اجتماع لها بمدينة أكادير، في إطار "اللجنة المغربية لدعم استقلال دولة القبايل"، اعتبرت الفعاليات ذاتها أن القرار التاريخي ينسجم مع حق الشعوب في تقرير مصيرها.

كما جددت مناشدة المغرب والمنتظم الدولي من أجل الإنصاف التاريخي والسياسي لشعب القبايل عبر الاعتراف الرسمي بدولته، والضغط على النظام الجزائري لإطلاق المعتقلين القبايليين بخلفية سياسية.

المبادرة المغربية لاقت تجاوبا إيجابيا من طرف زعيم الحركة النفسها فرحات مهني والذي أعلن، في حوار صحافي، عن استعداده للتعاون وسعادته بهذا التضامن.

هل تطبق الجزائر معاييرها "الأخلاقية"؟

لطالما تغنت الجزائر بمجموعة من المعايير "الأخلاقية"، على لسان قادتها، خصوصا الرئيس عبد المجيد تبون الذي يتحدث عن تصفية "الاستعمار" في الصحراء؟

والآن هي تقف وجها لوجه أمام نموذج حي وتطبيق عملي لمعاييرها التي تتبجح بها، ويعلم الجميع أنها مجرد فقاعات صابون ستنفجر بمجرد احتكاك.

لكن مع ذلك، لا ينبغي استباق الأحداث، وسنرى إن كان حكام الجزائر سيعملون على احترام القرار الصادر عن حركة القبائل، وسيقومون بالتالي بتصفية "الاستعمار الجزائري" لدولة القبائل، أم أننا سنكون أمام منطق آخر وتحريف للأقوال كي تتناسب مع ما يشتهيه النظام الجزائري ويرغب فيه، بغض النظر عما كان يدعو إليه؟