تقليد أعمى لمواعدة عمياء !

 تقليد أعمى لمواعدة عمياء !
آخر ساعة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:41

هناك عدة طرق للشهرة، على رأسها أن تقوم بشيء مختلف حتى ولو كان مُشينا.  وفي زمن الكليكات والأرباح "أون لاين" يصبح أي فعلٍ مقبولا من أجل الكسب وزيادة المشتركين.

برنامج "المواعدة العمياء" أو "Blind Dating" في نسخته "المغربية"، لم يكن سوى شيء شبيه بما سبق.. أو هو أقرب.

محاولة جديدة لكسب الكليكات والمشاهدات والشهرة، ولو على حساب الأخلاق العامة. المهم أن هناك مئات الآلاف من التعليقات، حتى ولو كانت كلها، أو جلها، تسب وتلعن وترفض ما تراه.

محاولة لنسخ برنامج أمريكي، حتى باستعمال المصطلحات بالإنجليزية، واللباس وطريقة الكلام، وكل شيء. نسخة سيئة لغراب آخر يحاول تقليد الطاووس.

لحسن الحظ أن الأمن تدخل، وأنه وضع حدا لهذه المحاولة الجديدة لتمييع المشهد الإعلامي تماما، بواسطة قنوات لا سندَ قانوني لها، وأشخاص لا ينتمون إلى الجسم الإعلامي في الغالب، دون أن ندخل هنا في حقوق البرنامج الأصلي، وهل تم شراؤها أم "سرقتها" هي أيضا.

القناة نفسها التي أطلقت البرنامج، بعد بلاغ الأمن، قامت بمسح كل منشوراتها على فيسبوك، وهو ما يؤكد أن السيف أحيانا أصدق إنباءً من الكتب، وأن الصرامة والزجر هي الحل أمام من لا يستحيي ويريد أن يفعل ما يشاء، علما أن البرنامج تم التجهيز له مسبقا من خلال إطلاق حملة "كاستينغ" تستهدف الشباب المغربي الذي يريد التمثيل والظهور في البرامج.

الواجهة الأخرى لهذا المشكل هي الفقر في الإبداع، فقد كان من الممكن أن يتم تصوير برنامج شبيه لكن بنسخة مغربية حقيقية، فيها كل ما تعارف عليه المغاربة من تقاليد، وحينها لن يرفض البرنامج أحد، على الأقل كمحتوى وليس كفكرة.

بالمقابل، يجب أن نعترف أن هذه البرامج تتم مشاهدتها بكثرة، شئنا أم أبينا، إما من باب الفضول، أو الرغبة المسبقة في النقد، أو غيرها.

وهنا، نقف أمام مسألة وعي الجمهور في وسائل التواصل بالمغرب، وضرورة زيادته من خلال قنوات وصفحات أكثر جدية ومتعة أيضا، بحيث يجد منتجو هذه البرامج وغيرها أن بضاعتهم ردت إليهم.

لكن الواقع غير ذلك، والغث مسيطر تماما، وجمهور وسائل التواصل أغلبه شباب ومراهقون، فمن المؤكد أنهم سيقبلون على كل ما هو مثير وجديد، حتى ولو كان مخالفا للمتعارف عليه، بل لعله يكون جذبا بمنطق "خالِف تعرف".

مثل هذه الظواهر، إذن، تتأرجح بين ما هو أمني أخلاقي (وقد تم حسمه لحسن الحظ)، وبين ما هو متوفر (يكفي نهمَ الجمهور أم لا؟)، وبين الجمهور نفسه والذي يحتاج إلى بدائل دائما وإلا فسيشاهد ما يجده أمامه، وبين ما هو قانوني (هل القناة مرخصة؟ هل يحق لها تصوير ما تشاء وبثه؟).

وبين هذا وذلك، من المؤكد أن برنامج المواعدة العمياء لم يكن أول فيديو من هذا النوع، ولن يكون الأخير.