الخمار البقالي يستعرض أسس التعايش الإنساني الشرعية بين يدي الملك

 الخمار البقالي يستعرض أسس التعايش الإنساني الشرعية بين يدي الملك
آخر ساعة
الخميس 28 مارس 2024 - 22:51

قال الخمار البقالي، عضو المجلس العلمي المغربي بأوروبا، إن التعايش هو نسج العلائق بين كل فئات المجتمع بحيث تكون مبنية على الأنس والاحترام وفقا لما تقتضيه مصالح الأفراد والجماعات في أمور الحياة، مشيرا إلى أنه قد اصطلح لها في هذا العصر مفهوم مناسب هو المواطنة المشتركة وتقتضي احترام الخصوصية الثقافية والدينية والعرقية.

جاء ذلك خلال الدرس الرابع من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية لسنة 1445 هـ، الذي ألقاه المحاضر بين يدي الملك محمد السادس، اليوم الخميس بالقصر الملكي بمدينة الدار البيضاء، متناولا بالدرس والتحليل موضوع "الأسس الشرعية لبناء أنماط التعايش الإنساني".

وأضاف البقالي أن التعايش الذي يدعو إليه العقلاء، "هو الذي ينطلق من الإرادة المشتركة في التعاون على القيم الإسلامية المشتركة التي تنفع البشرية جمعاء"، موضحا أنه مع مرور الإنسان بتجارب التاريخ الخاص أو المشترك يدرك أن المصلحة العامة ظاهرة في التعايش، وأن المصالح الخاصة هي التي تتسبب في التنكر له أو عدم الانصياع له لأن ذلك الانصياع يدخل في العدل، ولأن عدم قبول العدل ينتج إما عن الجهل وإما عن الطغيان.

وأوضح المحاضر أن المجلس العلمي المغربي لأوروبا اعتبر دائما أن واجبه الأول "هو تفهيم قواعد التساكن في الإسلام لأهلنا من المسلمين وحثهم على التمسك بها والسلوك بمقتضاها وبذلك تسهل مهمة إقناع غير المسلمين من أهل ذلك البلد على اختلاف مستوياتهم ومواقعهم، ذلك لأن ادعاء قيم لا يمثلها أهل دينها ادعاء لا برهان عليه ولا يتوقع أن يتم الإنصات إليه ".

أما الطغيان، ومنه رفض الحق والإعراض عنه، يؤكد السيد الخمار البقالي، فيدخل في السياسة الكبرى التي ما يزال الإنسان يتحير في سبل كسب التوازن الضروري لها، مؤكدا أنه مادام الناس يعملون في هذا العصر على إرساء قواعد كونية للحقوق فمن المفيد لهذا المسعى أن يعرف كل أهل دين ما عند أهل الدين الآخر بهذا الصدد، ومسجلا أنه مهما تكن الاختلافات بين المتساكنين في العالم أو البلدان، "فالمتعين هو تدبيرها من خلال المشتركات في كل المجالات وهي كثيرة وتراعي الاقتناعات المقبولة في دائرة الحرية التي هي مقدسة في كل الأديان، ولذلك نهى الإسلام عن الإكراه وشرع الجدال بالتي هي أحسن أي بالأسلوب المناسب في الظرف المناسب ومع المخاطب المناسب".

كما توقف المحاضر عند مجالات التعايش، موردا أنها تكمن في العلاقات الدولية والأصل فيها السلم والمعاملة الحسنة، وفي العلاقات العامة والتي تتمثل في عيادة المرضى وعلاجهم والإخدام والاستخدام فيما ليس بحرام. كما تهم العلاقات التجارية بين الأفراد والدول والشعوب، والعلاقات العائلية، وعلاقات المصاهرة.

وأبرز المحاضر أن مجالات وفضاءات التلاقي والتعاون مع المخالفين أوسع بكثير مما يظن ه من لم يستقرئ نصوص الشريعة السمحة ولم يطلع على مقاصدها وغاياتها، ووقف عند جزئيات مبتورة عن أصولها وكلياتها، فظن أنها تمنع كل تلاق مع الآخرين.

وبخصوص ضوابط التعايش، أكد البقالي أن هذا التعايش إذا كان مطلوبا وله هذه المجالات الواسعة فإن له بالنسبة للمسلم ضوابط لابد من الحرص عليها، مبرزا أن الإسلام لا ي ق ر التعايش فقط بل ي ؤس سه ويدعو إليه وحتى لا يصير عبثا وانحلالا وي صبح ميوعة واختلالا، وضع له ضوابط لابد من مراعاتها، مبرزا أنه، من بين هذه الضوابط، ألا يؤدي التعايش إلى الإخلال بأصل من أصول الاعتقاد القطعية، وألا يؤدي إلى الاخلال بعبادة من العبادات المفروضة بأدلة قطعية لا تحتمل التأويل، ولا إلى استحلال الوقوع في المحرمات المشهورة كتعاطي الفواحش والمحرمات، ولا مخالفة النصوص الشرعية الصريحة والإجماعات القاطعة التي وقف عندها المسلمون في جميع الأعصار والأمصار، وأيضا ألا يؤدي التعايش إلى إلحاق الضرر بالمسلمين.