في حالة نادرة، بقيَ العلم المغربي يرفرف في كوت ديفوار طيلة منافسات كأس إفريقيا حتى آخر لحظات تتويج البلد المضيف، رغم إقصاء المنتخب المغربي من دور الـ16.
أعطى الإيفواريون درساً أخلاقيا حقيقيا للقارة وللعالم، من خلال عرفانهم بجميل المنتخب، وبالهدية التي قدمها إليهم بعد انتصاره على زامبيا في مباراة كان يكفيه فيها التعادل، وحتى الخسارة، كيف يحسم تأهله.
العجيب أن هذا الدرس لم يكن مخططا له ولا مدروسا من قبل، بل هو عفوي بشكل كامل، فالجماهير شجعت المنتخب حتى في مباراته أمام جنوب إفريقيا، واللاعبون ظلوا يرددون اسم المغرب في كل دور يتجاوزونه، ثم أخيراً حملوا العلم الوطني في احتفالية النهائي.
في حالات كهذه، ربما كانت تكفي كلمة شكر هنا، وكلمة مديح هناك، وتنتهي الحكاية. لكن الإيفواريين أكدوا عن معدن أصيل حُرمَ منه الكثيرون في هذا الزمن.
غادر المنتخب وغادر جمهوره، ولم يعد هناك أي داعٍ واضح ليتشبث الإيفواريون بفضل المغرب عليهم، لكنهم فعلوا !
الأروع من هذا كله أن الاحتفالات بالعلم المغربي لم تكن مجرد حركات هامشية هنا وهناك، بل كانت من قائد المنتخب الإيفواري الذي حمل العلم المغربي وجال به الملعب كله في درس أخلاقي كروي سيبقى مرسوما في أذهان المغاربة والإيفواريين خصوصا، وفي أذهان الباقين عموما.
الحارس العاجيّ يحيى فوفانا، أيضا، لم يفوت الفرصة عندما قال في تصريح للصحافة "نشكر المغاربة على روحهم الرياضية في مباراتهم الثالثة، لم يكونوا مطالبين بالفوز ولكنهم فعلوا ذلك".
الاحتفالات انتقلت إلى الإيفواريين المقيمين بالمغرب، الذين مزجوا بين أعلام البلدين، في فرحة كان يبدو بشكل جلي أنها مختلفة، فرحة بمذاق مغربي-إيفواري مزدوج يصعب فصله.
هكذا إذن، أثبتت منافسة كأس إفريقيا، مرة أخرى، أن كرة القدم هي، قبل كل شيء، أخلاق ومشاعر، قبل أن تكون منافسة رياضية محضة.
ولعل القدر عندما أقصى المغرب من الفوز بالكأس، كان يخبئ له فوزاً آخر مختلفا.
كوت ديفوار فازت بالكأس والمغرب فاز بكل شيء !