يناقش فيلم "In time" الأمريكي، الذي أنتج سنة 2011، فكرة طريفة وعبقرية في آن واحد، حيث ستصبح وسيلة الأداء، في زمن مفترض، هي عمر الإنسان.
فلكي تشتري بضاعة ما، يجب عليك أن تدفع من الزمن المتبقي من عمرك، كما أنه يمكنك أن تمنح للآخرين بضع ساعات أو حتى أيام من عمرك، كي تزداد أعمارهم.. وهكذا.
بشكل عام، يناقش الفيلم فكرة أهمية الوقت وأنه فعلا أثمن ما في الوجود على الإطلاق، وهذا يتعارض تماما للأسف مع الثقافة الشائعة في المغرب والتي تعتبر الوقت شيئا تافها، بل قد تساهم في قتله قتلا.
ولعل أكثر الظواهر شيوعا على الإطلاق في هذا، هو عدم احترام المغاربة للمواعيد، وتعاملهم مع الموضوع بإهمال ولا مبالاة غريبين جدا.
فالمواعيد عند المغاربة ليست مرتبطة بوقت محدد بعينه وإنما بمدة زمنية طويلة جدا، مثلا "بعد العصر"، أو "غدا صباحا"، أو أي وقت طويل آخر.. وكأننا نعي في زمن حيث الساعة لم تخترع بعد !
وحتى لو كان اتفق شخصان على ساعة بعينها، فإن الراجح دائما أن يتخلف أحدهما، ويأتي بعد ربع أو نصف، أو حتى ساعة كاملة، دون أن يكلف نفسه الاعتذار ودون أي شعور بالذنب.
يتعدى الأمر للأسف الأشخاص للمؤسسات الخاصة وحتى العمومية، فقد تحدد إدارة ما موعدا للمواطن من أجل إنجاز عمل إداري، ولكنه يكون مضطرا للانتظار لساعات أحيانا قبل أن يحين دوره ويقضي غرضه، وكأن ذلك الموعد كان مجرد عبث.
عيادات الأطباء، مثلا، رغم اعتمادها على المواعيد كوسيلة تعامل يومية، إلا أنها أيضا لا تخلو من هذه الظاهرة، حيث تذهب في الموعد المحدد فتجد أن هناك آخرين ينتظرون مواعيد متأخرة، ليصلك الدور بعد ساعات، وهكذا.
بسبب تراكمات سنين من التعامل مع الوقت كبضاعة سعرها رخيص جدا، ولا تساوي شيئا، أصبح جل المغاربة يهملونه ولا يلقون له بالا، ولو توفرت إحصائيات عن عدد ساعات جلوس المغاربة في المقاهي لتعرض المجتمع إلى الصدمة.
وربما هذا يثير التساؤل أكثر وأكثر: ما الذي يجعل شخصا يجلس في المقهى، ولا عمل مهم لديه، لا يحضر في الموعد عندما يتطلب الأمر ذلك؟
إن معظم المغاربة لا يهملون الوقت فقط، بل يقتلونه قتلا، ويرمون بجثته على قارعة الزمن.. في حالة مجتمعية غريبة إن استمرت سنظل في موقعنا لا نتحرك قيد أنملة، إن لم نتقهقر أكثر في سلم الدول الساعية نحو التطور.