الصحافة الإلكترونية بالمغرب.. من التعثر إلى النجاح المهني

 الصحافة الإلكترونية بالمغرب.. من التعثر إلى النجاح المهني
آخر ساعة
الثلاثاء 24 مايو 2022 - 22:59

رغم أن ثورة الإنترنت انطلقت قرابة سنة 1997، وانطلقت معها تجارب الصحافة الإلكترونية عالميا أولا، ثم إقليميا ومحليا، إلا أنه لم يتم الاعتراف بهذا النوع من الصحافة من طرف القارئ المغربي إلا في حدود سنتي 2005-2006.

وشهدت هاتان السنتان انطلاق تجارب فردية محلية خصوصا، بعضها أشرف عليه صحافيون بالفعل، وبعضها الآخر أطلقه هواة مهتمون بالخبر ونقله، دون أن يكون هناك حرص كبير على التفاصيل، سواء المهنية أو التقنية.

كما أن هذه المواقع لم تكن تمارس الصحافة بمفهومها الحقيقي، إنما تعلق الأمر بنسخ بعض الأخبار من الجرائد الورقية أو من منابر أخرى، عربية في الغالب، خصوصا في وجود فراغ قانوني ضخم بخصوص الملكية الفكرية.

اعتراف رسمي

استمرت الصحافة الإلكترونية على هذا الحال، وتطور بعضها تدريجيا على المستوى المهني والبشري، لكن دون اعتراف من طرف الحكومة، التي كانت ترى أن الأمر يتعلق بـ"لعب أطفال" إلى حد ما، كما كانت أغلب هذه المواقع عبارة عن مواقع "ويب" يمكن تصفحها على الحاسوب.

وجاء الربيع العربي، وأصبح المتلقي مهتما أكثر وأكثر بالصحافة الإلكترونية التي كانت تنقل له الخبر بالصوت والصورة من جهة، أو مكتوبا – لكن سريعا – من جهة أخرى.

ومع اهتمام المتلقي بشكل كبير، كان ولابد أن يليه اهتمام الحكومة التي أدركت أخيرا أن الأمر يتعلق بمنابر إعلامية حقيقية تلقى من الاهتمام والتفاعل الشيء الكثير، وأن مرحلة اللهو قد مرت.

وفي عهد الوزير مصطفى الخلفي انطلقت اللقاءات مع مجموعة من ممثلي الصحف، أو حتى بعض المدونين، لوضع تصور لقانون أو مدونة تحسم "الفوضى الموجودة".

الهاتف الذكي.. المتغيّر الجديد

تزامن إدماج الصحافة الإلكترونية ضمن منظومة النشر في المغرب إذن، مع تطور الهواتف المحمولة إلى ذكية، والتي أصبحت بسرعة في متناول الجميع، مع تطور شركات الاتصال أيضا التي واكبت ظهور هذه الهواتف بخدمات إنترنت تمسح بالحد الأدنى من توظيفه.

التسارع لم يطل فقط تطور الهواتف، بل أيضا الشعبية التي أصبحت تكتسيها مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت بشكل كبير في ثورات الربيع العربي.

هذه المواقع التي قدمت خدمة كبيرة للصحافة الإلكترونية المغربية التي أدركت أنه أصبح بالإمكان الوصول إلى متلقّين كثر، وبالتالي تحقيق أرباح أكثر.

في ظل هذه الظروف، أصبح انتقال الخبر أسرع، وأصبحت أهمية الصحافة الإلكترونية تفوق الورقية بمراحل، خصوصا أن الجانب المهني أصبح حاضرا في ظل وجود أرباح وإعلانات.

الأرباح.. الأدسنس غير كاف

يعرف الجميع أن أرباح إعلانات غوغل (الأدسنس) غير كافية لاستمرار مقاولة صحافية تحترم نفسها، لذا كان لابد للصحف الإلكترونية أن تقتحم عالم الإعلانات الخاصة، التي كانت تتردد في السابق كثيرا قبل خوض مغامرة الإعلان لديها.

لكن، مع التطور الحاصل، ومع الاعتراف الرسمي، بدأت المؤسسات الخاصة، وحتى العمومية، بل وحتى الأحزاب السياسية، تجد ملاذا إعلانيا ممتازا في الصحف الإلكترونية، وهو ما حقق لهذه الأخيرة اكتفاء ذاتيا جعلها صحفاً مهنية إلى حد بعيد، حتى أن العشرات من الصحافيين، ربما المئات، انتقلوا من العمل في جرائد ورقية أو حتى منابر مسموعة وتلفزية، إلى بعض الصحف الإلكترونية.

هو مخاض عسير خاضته الصحافة الإلكترونية في المغرب قبل أن تجد لها موطأ قدم لدى المتلقي ولدى المؤسسات العمومية ثم الخاصة، لكنها في الأخير نجحت، ولم يعد العمل مع "موقع إلكتروني" يبدو غريبا على مسامع المغاربة.

لكن، هل نجحت الصحافة الإلكترونية في الحفاظ على قوتها المتمثلة في استقلاليتها وحريتها؟ أم أنها أيضا خضعت لقوة المال و"أصحاب الشكارة"؟

تلك حكاية أخرى.