عبر الفيلسوف طه عبد الرحمن عن أمنيته بالتواجد رفقة حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" في هذه الأيام.
وقال المفكر، في حوار مطول أجراه معه الدكتور محمد النفار مؤخرا، "ليتني كنت شاباً أقاتل معهم، هذا هو الزمان الذي يستحق الحياة، وهذه هي اللحظات التي ينبغي أن تغتنم، لحظات قرب من الحياة لا يتمنى الإنسان حياة إلا سواها".
وأضاف المتحدث أنه، في هذه اللحظات، "يتجلى للمقاتل فيها الخطاب الإلهي، يسمعه فيها كمخاطب لا كقارئ لبلاغ، وفي هذه اللحظات إذا دعا استجاب له، وإذا استغفر غفر له، تلازمه أمداد الله ولا تفارقه.. هذه هي اللحظة التي كنت أتمناها لحظة من حياتي في هذه المعركة، لكنها كانت من نصيب هذه الطائفة المختارة".
وعن وجهته نظره في "طوفان الأقصى"، يرى عبد الرحمن أنه استئناف جديد للحضارة، وانبعاث جديد للأمة، وميلاد جديد للإنسان، "من خلال قيم جديدة يكتشف فيها المرء ذاته فيغوص إلى أعماقها، ليتصل ظاهره بباطنه، وعاجله بآجله، ومفاهيم جديدة يتلمس فيها حريته في ظل شيوع قيم التعبيد للإرادة الإسرائيلية، وشروط جديدة يستعيد فيها فطرته في واقع شاعت فيه قيم الضلال".
كما أكد الفيلسوف أن المقاومة ليست فعلاً جزئياً، بل هي فعل كلي، وأنها "كيان" لا معنى للوجود بدونه، ولا مغزى من الحياة بلا جهاد، "لأن الوجود والحياة إنما يكتسب من فعل المقاومة نفسه".
والفعل المقاوم، من وجهة نظر المتحدث، يستفزّ ويستجمع كل القدرات الإنسانية: السمع والبصر والعقل، وجميع حواس الإنسان، فلا يتفرد عضوٌ محدَّدٌ ولا إدراكٌ معينٌ بالمقاومة. والجهاد ليس عملاً تقف أو تستبد به مَلكة من الملكات، بل هو استعداد يتوسل بجميع الملكات، وبها يتشكل الإنسان على الحقيقة.
ويسترسل طه عبد الرحمن في تفسير المقاومة، معتبرا إياها "إكسير الحياة" الذي وهبه الله للمقاومين، "وبدونه لا يكون ثم إلا الموت والفناء، كما أنها الخصيصة التي يمتاز فيه المقاومون الذين فارقوا مسوغات العجز ودواعي القعود وبواعث السلبية عن سائر المخلوقين من غيرهم ممن رضوا بالخيانة واعتادوا الخذلان، فكانوا أشبه بالأموات منهم بالأحياء".
وفي هذا الصدد، يؤكد الفيلسوف أنه لم يُسبَقْ إلى هذا المعنى الكلي في تفسير المقاومة، بوصفها فعلاً كيانياً ينهض بوجود الإنسان ذاته.
وبخصوص الواجب المطلوب في هذه المرحلة، يرى الفيلسوف أن الواجب في حق الأجيال الجديدة هو أضعاف الواجب الملقى على عاتق الأجيال السابقة، "والسبب وراء ذلك أن ما كان يقال في العام 1967م هو أن اليهود عادوا إلى وطنهم، أما شباب اليوم فلم يعيشوا لحظات الهزيمة تلك التي كان السائدُ فيها التَّزمتَ والتَّعصبَ لدولة الاحتلال، إنما يحملون تصورات جديدة مصحوبة باستعدادات مختلفة".