لقيت لوحة إعلانية تفاعلاً كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي بالمغرب، بعد أن حملت مقولة ساخرة تشجع على دراسة الإنجليزية بدل الفرنسية.
وجاء في محتوى اللوحة الإعلانية "تحدث بالفرنسية وستزور فرنسا، تحدث بالإنجليزية وستتمكن من زيارة العالم".
وكشف رواد مواقع التواصل أن هذه اللوحة الإشهارية لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن القنصلية الفرنسية بالدار البيضاء.
ولا زال جدل صلاحية اللغة الفرنسية يتجدد بالمغرب في كل مناسبة، خصوصا حول جدوى هذه اللغة التي لا يتحدث بها فعلا سوى أهلها في فرنسا، وفي بضع مناطق صغيرة في العالم كله، على عكس الإنجليزية التي يمكن التواصل بها في جل الدول.
وكان مقال لصحيفة "نيو أراب" قد تناول مؤخرا موضوع تراجع اللغة الفرنسية بشكل كبير في المغرب، وفسحها المجال، مُرغمة، للغة الإنجليزية التي أصبحت تشغل مساحة أكبر حتى على المستوى الرسمي والمؤسساتي.
واعتبرت الصحيفة أن تراجع اللغة الفرنسية "لا يعكس فقط محاولة التحرر من الإرث الاستعماري الفرنسي فحسب، بل يعكس أيضًا رغبة الشباب المغربي في أن يكون أكثر ارتباطًا بعالم يزداد عولمة".
واستعرضت الصحيفة كيف أن الشباب المغربي أصبحوا يستخدمون بعض الكلمات الإنجليزية في منتصف الجمل الدارجة، كما يستخدمون ذات اللغة في الحديث مع السياح، بدل الفرنسية.
وأضافت الوسيلة الإعلامية ذاتها أنه، ولعقود من الزمان، ظلت الفرنسية هي اللغة الأجنبية الرائدة في البلاد، حيث يتعلمها الملايين في المدرسة أو حتى بشكل غير رسمي.
من جهته، يرى موحى الناجي، الأستاذ الباحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أن اهتمام المغاربة وشغفهم باللغة الإنجليزية يعود إلى اقتناع راسخ بأنها ستتيح لهم تعليما أفضل وستوفر لهم فرصا للعمل.
ويضيف المتحدث في حوار صحافي مع وكالة المغرب العربي للأنباء أن العديد من هؤلاء يرغبون في إتمام دراساتهم العليا بالولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة، "لأن الفرص الاقتصادية التي تتيحها اللغة الإنجليزية تشد انتباههم، على اعتبار أن الإنجليزية هي لغة القطاعات الحيوية، والعلوم، والأعمال، والأنترنيت، ووسائل الواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا المتقدمة..إلخ".
كما يبرز الناجي أن اهتمام الجهات المشغلة بالمغرب أصبح اليوم ينصب، بشكل متزايد، على طالبي الشغل الذين يتقنون عدة لغات حية، منها الإنجليزية ولا شك.
وحول توجه المغرب إلى اعتماد نظام تعليمي أنجلوساكسوني، قال الباحث إن إحداث مسلك دولي للبكالوريا المغربية، خيار إنجليزية، وارتفاع عدد المؤسسات التي تعتمد اللغة الإنجليزية بالمدن الكبرى "يؤكد الاهتمام المتزايد الذي أضحت تحظى به اللغة الإنجليزية".
وتفاعلا مع الطلب المتزايد على اللغة الإنجليزية، يضيف الناجي، "رأت عدة معاهد خاصة وفروع إنجليزية النور، لاسيما بمدن الدار البيضاء والرباط وفاس وطنجة. كما أن اللغة الإنجليزية حاضرة أيضا بالتعليم العمومي، سواء بالثانويات الإعدادية أو التأهيلية، أو بالجامعات، وهناك مجموعة من مؤسسات التعليم الخصوصي ت درس هذه اللغة لتلاميذ السلك الابتدائي".
كما أورد المتحدث أنه، منذ ثماني سنوات، أطلقت الحكومة مسلك البكالوريا الدولية، خيار إنجليزية، الذي تدرس فيه المواد العلمية باللغة الإنجليزية في تسع ثانويات تأهيلية، ضمنها ست ثانويات عمومية، "ما يؤكد وجود منافسة لغوية بين الفرنسية اللغة التاريخية الثانية للبلاد، لتكوين النخب الجديدة".