من المؤكد أن متصيدي الأخبار الكارثية، المستقبلية منها خصوصا، يتلذذون في كل مرة تنتشر شائعة من هذا النوع: تسونامي، زلزال، عاصفة شمسية، انقطاع الإنترنت.. إلخ...
انضاف إلى هذا الهوس المرضي، في العقود الأخيرة، أن نشر خبر كهذا على بعض المنصات قد يجر معه آلاف اللايكات والمشاهدات، وبالتالي تحقيق أرباح قد تكون كبيرة أحيانا.
وعندما يمتزج الهوس والمال، فبالتأكيد سنرى في قادم الأيام الكثير والكثير من هذه التوقعات والتنبؤات، خصوصا أن الناس تميل بشكل فطري إلى الأخبار المرعبة والحزينة.
ما حقيقة الموضوع؟
انتشر الخبر بعد رصد مقطع فيديو مجتزأ من سياقه على قناة إم بي سي، يقول فيه مقدم برنامج "معالي المواطن"، وهو الفيديو الذي يعود لسنة 2018، الذي كان عبارة عن سؤال فقط من المذيع، وأجابه أحد الخبراء حينها بأن الأمر لا أساس له من الصحة.
الفيديو كان مجرد بداية فقط، ومنه انتشر الخبر وتم ربطه بواقعة علمية حقيقة ستحدث بتاريخ 11 أكتوبر، بعد أن حذرت وكالة "ناسا" من عاصفة شمسية مُحتملة خلال شهر أكتوبر ما سيؤدي إلى حدوث انقطاع في بعض وسائل الاتصال بسبب تأثير الرياح الشمسية على الأرض والتي تتسبب بحدوث أعطال ومشاكل في جميع شبكات الاتصالات اللاسلكية إضافة إلى الأقمار الاصطناعية وشبكات الكهرباء.
ومع ذلك، يجب ملاحظة أن العواصف الشمسية ذات هذه الشدة تعتبر نادرة جدًا، وتم تسجيل حالتين من هذا النوع سابقًا، وهما في عام 1859 و 1921. إضافةً إلى ذلك فإنه من الصعب التنبؤ بموعد وحدوث هذه العواصف بدقة.
وكالة ناسا ذاتها قامت بنفي الخبر، مؤكدة أنه لا توجد أي تهديدات موثوقة أو أدلة تشير إلى أن الإنترنت سيتعطل على مستوى العالم، وبالتالي يمكن للأفراد والشركات الابتعاد عن الانزعاج والتخوف من هذا الأمر.
كما أبرزت أنه يجب على المستخدمين أن يكونوا هادئين ويثقوا بأن الإنترنت سيبقى متاحًا بشكل طبيعي، وفي حالة حدوث أي انقطاع أو اضطراب، فإن الشركات ومقدمي خدمة الإنترنت سيعملون على إصلاح المشكلة في أسرع وقت ممكن.
جدل متجدد
طبعا، لم تكن هذه هي أول مرة تنتشر إشاعة انقطاع الإنترنت عن العالم، فقد كانت هناك سابقا عدة أخبار شبيهة، مزيفة ومضللة كلها، وانتشرت في وقتها كالنار في الهشيم، قبل أن يكتشف الناس أن الأمر يتعلق بتنبؤات لا أساسا لها من الصحة.
ومع ذلك، فإن الجدل لا يتوقف أبدا على مواقف التواصل، بين من تنتابه نوبة هلع من هذا الانقطاع المفترض، وبين من يسعده التشفي في المستفيدين من ثورة التكنولوجيا هذه.
أكيد أن عشاق "الزمن الجميل" لديهم نصيبهم من تمني وقوع شيء كهذا، والعودة إلى زمن التلفزيون وكؤوس الشائ ولمة الأسرة.