تصدر شبكات أخبار تلفزيون الكابل الكبرى في الولايات المتحدة – سي إن إن، وفوكس نيوز، وإم إس إن بي سي –كل أسبوع بيانات صحافية تروج لنوع من الإنجاز في التقييمات. تكون هذه الوثائق محددة أحيانا، وفي الأغلب ما تكون عالية التنافسية، حيث تحاول كل قناة الحصول على لقب "الأكثر مشاهدة" على تلفزيون الكابل.
في الآونة الأخيرة، بدأ هذا الهوس بالتقييمات يبدو مثل الموسيقيين الذين كانوا يعزفون كماناتهم بينما كانت سفينة تايتانيك تغرق. يشهد تلفاز الكابل انخفاضا طويل المدى. وفقا لإحصاءات أخيرة، يلغي ما يقارب 25 ألف أمريكي كل يوم سلك الكابل. تراجع عدد المنازل الأمريكية التي تتلقى خدمة تلفاز الكابل إلى مستوى قريب من مستوى 1992 عندما كان لا يزال وسيلة جديدة نسبيا، وفقا لمؤسسة موفيت نيثنسون.
في الولايات المتحدة، أقل من نصف نسب مشاهدات التلفاز هي في الحقيقة للتلفزيون التقليدي. الباقي، بدلا من ذلك، لخدمات البث. إن تراجع التلفزيون المدفوع قد "حشد زخما كبيرا بالفعل لدرجة أن مقاومة التيار تعد غير اقتصادية لأي شخص"، حسبما قال محللون من "موفيت نيثنسون" في مايو. كما يقدرون أن 2.3 مليون أمريكي ألغوا سلك الكابل في الربع الأول.
كان التحول يجري منذ فترة، لكن الرسائل حوله أصبحت أكثر إلحاحا. أعلن بوب إيجر من "ديزني" هذا الصيف بطريقة عرضية أن شبكات التلفزيون الخطية "قد لا تكون أساسية" للعمل، حيث وضع هذه القنوات للبيع فعليا. بصفته رئيس "ديزني"، تميل تعليقات إيجر إلى تشكيل الحوارات في هوليوود، وبدا أنه جعل ذلك رسميا: التلفاز يحتضر.
من الصعب أن نحسب هذه الظروف في ظل الجدل الدائر حول أي شبكات أخبار تلفزيون الكابل قد جذبت أكثر المشاهدين من عمر 25 إلى 54 في أي ليلة. لكن في الأغلب ما يكون جواب ذلك السؤال هو "فوكس نيوز"، شبكة روبرت مردوخ، التي كان أداؤها أفضل من الأخرى. تستفيد "فوكس نيوز" من جمهور مخلص، وإن كانت قديمة كالشبكات الأخرى.
في الوقت نفسه، عانت "سي إن إن" انخفاضا أكثر حدة من نظيراتها في الدورة الإعلامية بعد ترمب، ما جعلها تنخفض حتى مركز ثالث بعيد بعد "إم إس إن بي سي" ذات الميول اليسارية. في المتوسط، كان 463 ألف شخص فقط يشاهدون "سي إن إن" في أي يوم من الربع الثاني، انخفاضا من 1.2 مليون في الفترة نفسها في 2020. إن الأرقام أكثر كآبة بين الفئة الديموغرافية المرغوبة لمن هم بين 25 إلى 54 عاما: كان 94513 فقط من هؤلاء الأشخاص يشاهد "سي إن إن" في اليوم العادي أثناء الربع.
لا تزال شبكات الأخبار هذه تحقق أرباحا كثيرة. تجني معظم أموالها من رسوم الترخيص التي يدفعها مشغلو الكابل لتشغيل برامجهم ولا يزال هؤلاء المشغلون يدفعون- حتى الآن. لكن من المحتمل أن يأتي يوم لا يكون فيه ذلك منطقيا. سيتعين على كل شركات الأخبار هذه تحويل أعمالها في النهاية.
أطلق مردوخ "فوكس نيشن"، منصة بث لـ"فوكس نيوز"، قبل خمسة أعوام لكن الشركة لم تكشف بعد عن عدد الأشخاص الذين اشتركوا فيها. في فيديو مسرب أخيرا، قال تاكر كارلسون، نجم "فوكس" سابقا، "لا أحد يشاهد فوكس نيشن لأن الموقع سيء". باشتراك يبلغ ستة دولارات في الشهر، على "فوكس نيشن" جذب 500 مليون مشترك لمطابقة الإيرادات التي تبلغ ثلاثة مليارات دولار التي تجنيها "فوكس نيوز" تحت النظام الحالي. يقدر المحللون أن "فوكس نيشن" لديها أقل من مليوني مشترك.
يبدو أن مشكلات "سي إن إن" أكثر إلحاحا. كان للشركة ثلاثة ملاك مختلفين في الستة أعوام الماضية وواجهت خروجا مفاجئا لقائدها منذ وقت طويل جيف زاكر الذي جعل "سي إن إن" آلة تقييمات في عصر ترمب. تبع خروجه تولي كريس ليشت القيادة فترة وجيزة، لكنها مضطربة وغادر بعد سلسلة من الخلافات.
كشفت "وارنر بروز ديسكفري" الأسبوع الماضي عن خطط لبث برامج مباشرة من "سي إن إن" على منصتها "ماكس" الشهر المقبل. كما تجري محادثات لجلب مارك تومبسون المذيع العريق الذي أدار "بي بي سي" و"نيويورك تايمز"، لتصحيح مسار "سي إن إن"، وفقا لشخص مطلع على الموضوع.
لكن من غير الواضح كم المقدار الذي يستعد ديفيد زاسلاف رئيس "وارنر بروز ديسكفري"، لاستثماره في مستقبل البث لـ"سي إن إن"، التي تمثل جزءا صغيرا فقط من إيرادات "وارنر". تنفي "وارنر" أن سي إن إن معروضة للبيع، لكن مع صافي ديون يبلغ 45 مليار دولار من الصعب تصور أن زاسلاف لن يبيع إذا قدم له عرض معقول. أقرب وقت يمكنه فعل ذلك فيه سيكون في أبريل بسبب شرط في اندماج وارنر وديسكفري العام الماضي.
تقدم انتخابات الولايات المتحدة الرئاسية العام المقبل أملا لشركات أخبار تلفزيون الكابل هذه. لكن حتى وإن كانت ترفع التقييمات، فإن الضيق على المدى الطويل واضح.