من المشاركة إلى المنافسة على الألقاب.. هكذا غيرت الرؤية الملكية واقع كرة القدم بالمملكة

 من المشاركة إلى المنافسة على الألقاب.. هكذا غيرت الرؤية الملكية واقع كرة القدم بالمملكة
آخر ساعة
السبت 5 أغسطس 2023 - 11:48

قد يبدو للكثيرين أن ما حدث في مونديال قطر كان مجرد رمية من غير رام، وأنها كانت – ربما – مجرد صدفة أو ضربة حظ، لكن الحقيقة عكس ذلك، والأمر يتعلق فعلا بسنين من التخطيط والرؤية الاستراتيجية.

ولا يمكن الحديث عن كرة القدم المغربية والتطور الذي تعرفه دون المرور أولا بأكاديميات المملكة، وعلى رأسها أكاديمية محمد السادس، التي منحت هذه الرياضة زخما جديدا في السنوات الأخيرة.

أكاديمية محمد السادس

 يرى عبد الواحد زمرات، المسؤول عن التكوين بأكاديمية محمد السادس لكرة القدم، أن الأكاديميات التي تتوفر عليها المملكة المغربية حاليا تضطلع بدور كبير في تكوين اللاعبين من مختلف الفئات العمرية الناشئة.

ويضيف في تصريح صحافي أنه، منذ خمس سنوات، بدأت سياسة التكوين التي دشنتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من خلال الأكاديميات، والتي تأتي أكاديمية محمد السادس على رأسها، تؤتي ثمارها ويظهر ذلك جليا في عدد اللاعبين الذين يمارسون حاليا في جميع المنتخبات وكذا الأندية.

تدشين أكاديمية محمد السادس من قبل الملك محمد السادس سنة 2010، واعتماد استراتيجية للتكوين من المستوى العالي، وفق المتحدث، "فتح الباب أمام إحداث أكاديميات أخرى تابعة لمجموعة من الأندية الوطنية على غرار الفتح الرياضي والجيش الملكي والرجاء والوداد البيضاويين ونهضة بركان وحسنية أكادير، في أفق افتتاح أكاديميات إضافية".

ويوضح زمرات أن دور أكاديمية محمد السادس لا يقتصر فقط على تكوين اللاعبين بل يتعداه إلى مرافقتهم ومتابعتهم طوال مشوارهم الرياضي أي من التكوين القاعدي إلى الإحتراف سواء داخل المغرب أو خارجه.

 كما يبرز أن عدد خريجي أكاديمية محمد السادس لكرة القدم كبير جدا إذ يشمل جميع الفئات العمرية اعتبارا من سن أقل من 15 سنة وإلى سن أقل من 23 سنة، وهي الفئات التي برز منها لاعبون متميزون أمثال يوسف النصيري ونايف أكرد وأحمد رضا التكناوتي ولاعب الوداد الرياضي سيف الدين بوهرة وعبد الله حيمود الذي ينتمي للنادي ذاته.

 وتتوفر الأكاديمية تتوفر حاليا على العديد من اللاعبين وتتراوح أعمارهم ما بين أقل من 19 و20 سنة لازالوا في طور التأطير والتكوين في أفق التحاقهم سواء بالمنتخبات الوطنية أو الأندية، بينما 60 في المائة من اللاعبين الذين يمارسون ضمن المنتخبات الوطنية بكل فئاتها والفرق الوطنية هم من خريجي أكاديمية محمد السادس وهذا دليل على نجاح سياسة التكوين المتبعة وفعاليتها سواء التكوين البيداغوجي والبدني والذهني.

 يبرز مدير الأكاديمية أيضا أنه من بين كل 24 لاعبا تم تكوينهم والتحاقهم بالمنتخبات الوطنية يكون حوالي 13 لاعبا من خريجي أكاديمية محمد السادس وهذه النسبة تبقى جد مهمة وتسمح بتطعيم هذه المنتخبات بلاعبين تم تكوينهم على مستوى عال، وهو ما يعكس تألقها في مختلف المحافل الدولية، وخير مثال الإنجاز الرائع الذي حققه منتخب أقل من 17 سنة بالجزائر، وقبله منتخب الكبار في مونديال قطر.

ويذكر أن الملك محمد السادس أشرف سنة 2010 على تدشين أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، بغية المساهمة في تكوين واكتشاف ممارسين لرياضة كرة القدم من مستوى عال، من خلال وضع نظام تربوي يجمع بين الرياضة والدراسة.

 وقد جرى بناء وتجهيز الأكاديمية وفق معايير تجعلها تضاهي مراكز التكوين المهنية الأوروبية ذات الصيت العالمي، وذلك بغية الاهتمام بشباب المغرب ومنحهم الظروف الملائمة لتلقي تكوين رياضي علمي يخول لهم ممارسة نشاطهم في أكبر الأندية الكروية بالمغرب وأوروبا على حد السواء.

 ويعتبر كل من اللاعب يوسف النصيري المحترف في نادي إشبيلية الإسباني ونايف أكرد لاعب ويستهام يونايتد الإنجليزي وعزالدين أوناحي الذي يلعب في نادي أولمبيك مارسيليا من أبرز خريجي الأكاديمية، ناهيك عن ألمع عناصر منتخب أقل من 17 سنة الذين ترعرعوا في أحضان هذه المؤسسة على غرار عبد الحميد آيت بودلال وطه بنغوزيل ومروان ريان بياض وحمزة كوتونو وآدم شاكير و فؤاد الزهوني وسعيد الرافعي وهيثم الموس و حمزة المتوكل.

من المشاركة فقط إلى المنافسة على الألقاب

ظلت كرة القدم المغربية، لعقود طويلة، تكتفي بالمشاركة، أو المشاركة المشرفة، دون أن تكرس لأي تفوق ملحوظ أو تنافس بشكل قوي على الألقاب القارية والعالمية، وهو ما تغير تماما منذ سنوات.

يقول فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أن النتائج الإيجابية التي حققتها الكرة المغربية في الآونة الأخيرة، تندرج في إطار تفعيل رؤية الملك محمد السادس على أرض الواقع بالاهتمام بالبنيات التحتية والتكوين والحكامة.

ويضيف لقجع، خلال الملتقى الديبلوماسي 126، إن هذه الاستراتيجية مكنت من تشييد أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، ومركب محمد السادس لكرة القدم، اللذين يساهمان في الرقي بمستوى كرة القدم المغربية، وإبراز مواهب جديدة قادرة على حمل قميص المنتخب الوطني.

ويقول لقجع، في تصريح آخر، خلال كلمة له للاعبي المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة، مؤكدا معطى التنافس على الألقاب "كان لا بد أن تكونوا خير سفراء لهذا البلد. في مجموعة من المناسبات قلت إننا يجب أن نتجاوز مرحلة المشاركة إلى مرحلة البحث عن الألقاب. يجب أن نتبنى ذهنيا هذا الأمر".

ويضيف "يجب أن تذهبوا إلى كأس العالم حتى نتأهل إلى أبعد نقطة، ولما لا الفوز باللقب. ويجب أن نُفكر بهذه الطريقة لأننا نُدافع عن ألوان منتخب عريق وكبير".