تطور قطاع السياحة.. خارطة طريق تعتزم القطعَ مع تبعات زمن الجائحة

 تطور قطاع السياحة.. خارطة طريق تعتزم القطعَ مع تبعات زمن الجائحة
آخر ساعة
الثلاثاء 1 أغسطس 2023 - 11:47

لم يكن القطاع السياحي ليخرج عن سلسلة النجاحات التي تحققها مختلف القطاعات منذ اعتلاء الملك محمد السادس سدة الحكم.

وقد شهد هذا القطاع خصوصا وضعا فريدا من نوعه لأنه كان من أكثر المجالات تأثرا بسبب جائحة كورونا التي أعادته إلى نقطة الصفر تقريبا.

لكن الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس والاستراتيجية التي اعتمدتها المملكة جعلت القطاع يستعيد انتعاشته في وقت قياسي، ويعود إلى سابق عهده وأكثر.

مخطط استعجالي

في بداية سنة 2022، بالضبط في يناير، قامت الحكومة المغربية بالمصادقة على مخطط استعجالي مهم، بقيمة 2 مليار درهم لفائدة القطاع السياحي.

تلك السلسلة الجديدة من إجراءات الدعم، جاءت بعد أكثر من 22 شهرا من تداعيات الأزمة الصحية، حيث أعطت دفعة قوية لقطاع السياحة، لضمان الإبقاء على الشركات، والمحافظة على مناصب الشغل وتجنب ضياعها، والاسترجاع التدريجي لعافية القطاع .

وهم المخطط خمسة تدابير رئيسية، تمثلت في تمديد صرف التعويض الجزافي المحدد في 2000 درهم خلال الربع الأول من سنة 2022 لفائدة مستخدمي القطاع السياحي والنقل السياحي والمطاعم المصنفة، وتأجيل أداء الاشتراكات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة 6 أشهر لفائدة نفس هؤلاء المستخدمين.

كما تم تأجيل آجال استحقاق القروض البنكية لمدة قاربت سنة، لفائدة أصحاب الفنادق وشركات النقل السياحي، حيث قامت الدولة بدفع الفائدة المرحلية لمدة تعادل عدد أشهر التوقف عن النشاط خلال سنة 2021 ، وكذلك خلال الربع الأول من سنة 2022، وإعفاء أصحاب الفنادق من الضريبة المهنية المستحقة خلال سنتي 2020 و 2021، والتي ستقوم الدولة بدفعها.

كما تم منح دعم من الدولة لفائدة القطاع الفندقي بمبلغ 1 مليار درهم، وكان الهدف من هذه المساهمة في دعم جهود الاستثمار (الصيانة ، التجديد ، التكوين، وغيرها) للفنادق التي ترغب في الاستعداد لاستئناف نشاطها بسرعة بمجرد إعادة فتح الحدود.

سنة القطيعة مع تبعات الجائحة

أكدت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أنه بتسجيل نمو ملحوظ، ستكون 2023 “سنة القطيعة” بالنسبة لقطاع السياحة في المغرب.

كما أكدت الوزارة أن عدد السياح الوافدين إلى المغرب شهد طفرة ملحوظة خلال بداية السنة الجارية مع وصول 5.1 مليون سائح عند متم ماي 2023، أي بنسبة نمو بلغت 20 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2019، مذكرة بأن 2019 تعتبر، إلى غاية الآن، السنة المرجعية بالنسبة للقطاع.

وأضافت أن شهر ماي الماضي تميز بنمو قياسي بلغ 55 في المائة، مع توافد 1,1 مليون سائح مقارنة بسنة 2019.

وأثر هذا التطور بشكل إيجابي على المداخيل السياحية التي بلغت 32 مليار درهم عند متم أبريل الماضي، أي بارتفاع بنسبة 40 في المائة مقارنة بسنة 2019.

وساهمت العديد من أسواق التصدير الرئيسية في هذا النمو، لا سيما الأسواق الإسبانية (46 في المائة) والبريطانية (29 في المائة) والإسرائيلية (158 في المائة) والإيطالية (10 في المائة).

خارطة طريق استراتيجية 2023-2026

تؤكد وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أن خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة برسم الفترة 2023-2026، التي رصد لها غلاف مالي يصل إلى 6,1 مليار درهم، ستمكن المغرب من التموقع ضمن كبريات الوجهات السياحية العالمية.

وبالنظر إلى الأهمية التي تكتسيها التجربة السياحية، فإن من شأن خارطة الطريق إحداث طفرة نوعية وكمية، وضمان تجربة نموذجية، وتمكين المغرب من التموقع ضمن كبريات الوجهات السياحية العالمية.

وتلفت عمور إلى أنه، وبفضل التعبئة الشاملة لجميع الفاعلين والتدابير التي تم اتخاذها على مستوى النقل الجوي والترويج السياحي، تمكنت المملكة من استقطاب حوالي 11 مليون سائح سنة 2022، ما يمثل نسبة استرجاع بلغت 84 في المائة من حركة السياح الوافدين مقارنة بسنة 2019، متجاوزة بذلك النسبة العالمية للاسترجاع المحدودة في 63 في المائة.

كما تشير إلى أن نسبة استرجاع مداخيل السياحة بالعملة الصعبة بلغت 116 في المائة مقارنة بسنة 2019، مشددة على أن هذه الفترة المتسمة بعودة النشاط، مكنت من تحديد الرؤية الطموحة لمضاعفة عدد السياح الوافدين ليصل إلى 26 مليون في أفق 2030.

من جهته، يؤكد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، على التزام الحكومة بتعزيز القطاع السياحي، وذلك في ظل السياق الجهوي والعالمي، مسجلا أن تعميم الحماية الاجتماعية يمثل فرصة أمام القطاع لخلق فرص شغل قارة.

يرى رئيس الكنفدرالية الوطنية للسياحة، حميد بن الطاهر، أن خارطة الطريق هذه ستبث نفسا جديدا في القطاع وستعيد الثقة للمشغلين، وأنها "خطوة تمثل مرحلة جديدة”، مؤكدا استعداد المهنيين للعمل إلى جانب الحكومة لرفع هذا التحدي وجعل المغرب بطلا جهويا وقاريا.

وتروم خارطة الطريق هذه، في أفق سنة 2026، استقطاب 17,5 مليون سائح، وتحقيق 120 مليار درهم من المداخيل من العملة الصعبة وخلق 80 ألف فرصة شغل مباشرة و120 ألف فرصة شغل غير مباشرة، فضلا عن إعادة تموقع السياحة كقطاع أساسي في الاقتصاد الوطني.

ولبلوغ هذه الأهداف، تهدف خارطة الطريق المعتمدة تحويل القطاع السياحي عبر العمل على كل الروافع الأساسية، من خلال اعتماد تصور جديد للعرض السياحي يتمحور حول تجربة الزبون، ويرتكز على 9 سلاسل موضوعاتية و5 سلاسل أفقية، ووضع مخطط لمضاعفة سعة النقل الجوي، وتعزيز الترويج والتسويق مع إيلاء اهتمام خاص للرقمنة.

كما يتعلق الأمر، أيضا، بتنويع منتجات التنشيط الثقافية والترفيهية مع انبثاق نسيج من المقاولات الصغرى والمتوسطة النشطة والعصرية، وتأهيل الفنادق وإحداث قدرات إيوائية جديدة، وتعزيز الرأسمال البشري، عبر إطار جذاب للتكوين وتدبير الموارد البشرية، من أجل الارتقاء بجودة القطاع وإعطاء آفاق مهنية أفضل للشباب.