كانت محاولة جيدة من إلياس العماري للعودة إلى الساحة بحوار صحافي، لكن الحقيقة أنها أتت بنتائج عكسية لتلك التي أرادها.
الرجل الذي غاب عن الساحة لسنوات كان يتراجع إلى الوراء ببطء، كي تكون اندفاعته قوية عندما يعود.. أو هكذا تصوّر.
لكن، للأسف لم ينجح ما خطط له إلياس، وكل السنوات التي قضاها صامتاً بدت أفضل من اللحظة التي تكلم فيها لساعة ونصف.. دون أن يقولَ شيئا في الحقيقة.
أحيانا يكون الصمت والغموض أفضل بكثير من الثرثرة، ومن الكلمات الرنانة التقليدية التي لم تعد تخدع أحداً أو تثير الهيْبة المفترضة.
مثلا، يمكنكَ دائما أن تقول إن "إلياس الإنسان ظل متواجدا، والذي غاب هو إلياس السياسي". جملة بسيطة لا تستدعي أبداً استحضار ما قالته صحافية هندية – تجد صعوبة في تذكر اسمها...
مثل هذه المناورات لم تعد تخدع أحدا، ولم يعد هناك أحد في المغرب ينبهر لهذه الاقتباسات. كما أن لغة الجسد صارت أعقد، ولكي تحقق المبتغى تتطلب مجهوداً أكبر.
في زمن التكنولوجيا المتسارعة يمكنك أن تقول ما تريد، حتى ولو كان كثيراً، في 5 دقائق وقد تترك أثرا جيدا، لكن أن "تجهز" حوارا على المقاس فقط من أجل أن تقول ما تفكر به، طيلة مدة ساعة ونصف، ثم يتضح أنك لم تقل شيئا.. فهذه مشكلة حقيقية.
حاول إلياس، إذن، أن يعود بلوك جديد ونحوَ ميدان جديد وهو الإعلام، الذي قد يفضي أحيانا للسياسة لاحقا !
بدا الرجل غير متماسك وهو يظهر ألمه لأولئك الذين توقفوا عن الرد عن اتصالاته. كما بدا ضعيفا وهو يقول "لاشيء".
ساعة ونصف يجزم جميع من استمع إلى الحوار أنه لم يخرج منها بمعلومة واحدة، باستثناء عودة الرجل ليقود إذاعة "كاب راديو"، التي يعلم الجميع أنه كان يقودها أصلاً على أية حال، بغض النظر عن الأسماء التي كانت تتوالى عليها في الظاهر، والذين رحل بعضهم وهو ناقم عليه.
دعكَ الآن من الفكرة الطوباوية التي تقضي بنشر المصاريف والأرباح ليطلع عليها عاملو الإذاعة. يعلم الجميع أنها يستحيل أن تطبق، وكان الأولى أن يعلن زيادة الأجور مباشرة، على الأقل كان سيكون قد قال معلومة هامة في الحوار.
الخلاصة أن إلياس العماري عاد جسديا ربما، لكن كإسم رنان، سواء في السياسة أو غيرها، يبدو أنه انتهى منذ سنوات.