يبدو أن "الضربة الأوكرانية" غير المباشرة التي كالتها أوكرانيا للكيان الانفصالي قد كانت مؤلمة لدرجة أنها أرغمت هذا الأخير على ردّ فعل متشنج و"مضحك".
أما الضربة فكانت طبعا هي زيارة وزير الشؤون الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، للمغرب، وإعلانه دعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، الهادفة إلى إيجاد حل سياسي واقعي ودائم ومقبول من قبل الأطراف، وذلك وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
أما رد الفعل فكان بوصف البوليساريو رئيس أوكرانيا بـ"المهرج الذي أضحك ليس فقط أوكرانيا، ولكن الكوكب بأسره، الآن هو رئيس حرب يمكن تفاديها، حرب سعى إليها لفترة طويلة، حرب لا تعتمد عليه، بل بيد الناتو والدول الغربية الاستعمارية الجديدة".
وكعادتها في هذه المواقف المؤلمة، وسّعت البوليساريو مساحة نقدها لتشمل "الغرب"، الذي ترى أنه "يقف ضد الاجتياح الروسي لأوكرانيا، لكنه لا يجد أي مشكلة في 'الاحتلال المغربي للصحراء'".
والحقيقة المرّة هي أن المضحك فعلا هو مقارنة الوضعين، مع وجود فارق كبير، وهو أن ما تريد فعله البوليساريو هو تماماً ما تشتكي منه، أي ببساطة اقتطاع جزء من المملكة المغربية الممتدة، تاريخيا، لقرون طويلة.
فلو أن البوليساريو كانت موجودة من قبل لكان تبريرها منطقيا، لكنها تعلم، ويعلم معها من يدعمها، أنها مجرد كيان لقيط تم وضعه عمداً كشوكة في خاصرة المغرب. فمن يريد أخذ أرض من؟
ولو أن البوليساريو أرادت الإنصاف والحديث بعقلانية لاعترفت بأن المغرب، في الحقيقة، إنما يجني ثمار مواقفه المتوازنة في القضايا الدولية، خصوصا في الأزمة الروسية – الأوكرانية، حيث عرف كيف يحافظ على التوازنات في حربٍ تطرّف فيها الكثيرون.
دعك من أن هذا الموقف ليس ببعيد عن موقف إسبانيا ثم البرتغال، وهو ما يعني أن الضربات المتتالية أفقدت فعلا البوليساريو صوابها.
عموما، ليس هذا أول انتصار للديبلوماسية المغربية، ولن يكون آخرها، وسيكون على البوليساريو أن تتحمل الكثير في هذا الباب.