البذخ في الأعراس المغربية.. كيف تحولّ الفرح إلى قرح؟ 

 البذخ في الأعراس المغربية.. كيف تحولّ الفرح إلى قرح؟ 
مروان بوسلامتي
الأربعاء 15 يونيو 2022 - 13:06

مع بداية فصل الصيف، ينطلق موسم الأعراس بالمغرب. فأغلب العائلات تفضل هذا الفصل الذي يتميز بحضور الجالية المغربية المقيمة بالخارج، والتي تشكل جزءا من معظم العائلات المغربية.

والأعراس المغربية، مثل باقي المناسبات، عرفت تطورا عبر الزمن في التقاليد والعادات، بغض النظر عن الجهة أو المدينة التي يقام بها العرس والاختلافات التي تميزها عن بعضها.

لكن، يصعب أن ينكر أحد أن ما أصبح يجمعها جميعا هو ارتفاع تكاليفها إلى حد لا يطاق، في ظل مظاهر تجدد، ومتطلبات تنضاف كل عام، بل ربما كل شهر.

ففي الماضي، كان يعرف العرس المغربي بطول أيامه، لكن ببساطته، وبمصاريفه الواضحة المحدودة التي يكون أصعبها ماديا هو الوليمة، أما عداها فكان التضامن يحوله إلى أمور بسيطة ويمكن تجاوزها.

أما الآن، فقد أصبحت العادات تنضاف كل عام، وكل عادة تصبح ضرورة، والمنافسة بين الأسر والعائلات تحولها إلى أكثر من ضرورة وتقترب من "مسألة حياة أو موت".

ضاعف هذا العبء ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تنقضي مستجداتها، خصوصا أن الأمر تحول إلى تجارة واستعراضات على إنستغرام، ومؤثّرات يشتغلن ليل نهار من أجل إغراء العرسان بإضافة هذا المظهر أو ذاك.

مظاهر ومشاهد تبدو مغرية في الفيديوهات، لكن أسعارها حارقة جدّا، خصوصا للعريس أو والد العروس، الذين يجدون فجأة أمامهم متطلبات باهظة وتكاد لا تنتهي.

وبنظرة بسيطة على واحد من هذه الأعراس ستجد أن المظاهر المستحدثة بالعشرات، فالفرق أصبحت كثيرة، وكل فرقة تقدم لونا فنيا بعينه، ولا واحدة منها تعتبر ترفا فقط، بل كلها ضرورة ولا يكتمل العرس بدونها.

وللرفع من الأسعار التي تشتغل بها تتفنن هذه الفرق في خلق إضافات أغلبها عبارة عن "برستيج" فارغ، لكنه في الحفلات عموما يبقى مطلوبا.. وهم يدركون ذلك !

انتقلت المنافسة أيضا إلى الفنانين والفنانات الذين يحيون الأعراس، فأصبح إحضار فنان عادي من المنطقة مثلا أمرا غير كافٍ، ولا بد من الفنان الفلاني أو الفنانة العلانية، كي تكتمل "الستوريات" وتنهش الغيرة قلوب الآخرين !

طبعا لا نتحدث هنا عن عادة "الخرجة" التي أصبحت تتم بسيارات فخمة يتم كراؤها بأثمنة خيالية، فقط لتحقيق الفارق، وجعل الليلة "لاتنسى".

لكن للأسف الشديد، بقدر بساطة الأعراس في الزمن الماضي، بقدر قلة حالات الطلاق التي كانت.. أما الآن فجولة قصيرة في محكمة الأسرة كافية كيْ تكشف لك الأعداد الرهيبة لحالات الطلاق التي تتم بعد فترة قصيرة من إقامة "الفرح" الذي يتحول ببساطة إلى "قرح".

فلا يختلف اثنان أن كل تلك المظاهر، حتى لو كانت مسلية وجميلة، ليست قادرة على تحقيق التماسك في بيت الزوجية ولو ليوم واحد.

وقد يقول قائل: ولم نحرّم على الأسر الفرحة بأبنائها ما داموا قادرين على ذلك؟

الجواب هو أن هذا المقال ليس موجها لهم، رغم أن الإسراف يبقى منبوذا في حد ذاته، بل موجه للأسر البسيطة التي تقترض وتكلف مُعيلها ما لا يطيق، فقط كي يقال أن عرس فلان وفلانة "كان مذهلا".. وجميعنا نعرف أن هذا لن يكون !