بعد اعتقال مبديع.. من التالي؟

 بعد اعتقال مبديع.. من التالي؟
آخر ساعة
الخميس 27 أبريل 2023 - 21:44

يعرف الجميع أن هناك العديد من السياسيين الفاسدين ممن اغتنوا على ظهر السياسة وتدبير المال العام.

يعرف الجميع هذا لكن لا أحد يعرف كيف ولا متى و لا أين. علامات الاغتناء من وراء السياسة لا تخفى على أحد في المغرب.

الفعل ونتائجه معلومان، لكن الكيفية مجهولة.

ومن الحالات النادرة جدا في تاريخ المغرب المعاصر، نجد أمامنا ما حدث مع الوزير السابق محمد مبديع، الذي تم أخيرا إيداعه السجن بتهم "فساد وهدر مال عام".

حالة يتمنى المواطن أن تكون أول غيثٍ منهمر، وليس مجرد قطرة طائشة. أكباش الفداء لا يرحب بمعاقبتهم أحد.

يتعلق الأمر بظاهرة وليس بحالة فردية، لذا يأمل المتابعون أن يكون حدث إيقاف مبديع مجرد بداية، وأن يتواصل العمل بنفس الطريقة لمحاربة ظاهرة استغلال المال العام وهدره.

وكما قلنا، فإن إطلالة صغيرة على حال مئات السياسيين قبل الممارسة وبعدها، يظهر أن هؤلاء انتقلوا من القاع إلى الأصقاع. من الحضيض إلى النقيض.

المتابعون والحقوقيون يلاحظون وينبهون لكن العينَ بصيرة واليدَ قصيرة، يشيرون إلى الفساد وأحيانا إلى الفاسدين، لكن التحقيق ثم العقاب يبقى بيد الجهات المسؤولة.

لقد عبرت الجمعية المغربية لحماية المال العام بقرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء، حين اعتبرته قرارا جريئا بمطالبته إيداع المتهمين الرئيسيين السجن، وفي مقدمتهم محمد مبديع.

ثمنت الجمعية ما حدث باعتباره "خطوة أولى" في مسار تحقيق العدالة والتصدي للفساد والرشوة ونهب المال العام كإحدى أولويات السياسة الجنائية وتجسيد دور السلطة القضائية في مكافحة كافة مظاهر الفساد وبعث الأمل في المستقبل وتعزيز الثقة في المؤسسات وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.

نعم، الإفلات من العقاب الذي تمرّغَ في نعيمه المئات، والذي يرجو المتابعون والحقوقيون أن ينتهيَ "هنا والآن" بطريقة واحدة لا غير: أن يكون هناك شخص تالي بعد مبديع.. ألا يتوقف الأمر ويستمر.

ينتظر الجميع الآن أن نكون أمام حملة طويلة، ربما لا نهاية لها، وأن يكون الانتقال من الإفلات من العقاب إلى العقاب قد بدأ.

أن نكون أمام حكاية طويلة وليس مجرد قصة قصيرة وضع نهايتها سجنُ مبديع.

هناك المئات من الفاسدين، ولعل مبديع أول أحجار الدومينو في انتظار سقوط الباقين، وخلق حالة من الأمل انتظرها المواطنون طيلة عقود.