جون أفريك: شعار المغرب الجديد "من يحبّني فليتبعني"

 جون أفريك: شعار المغرب الجديد "من يحبّني فليتبعني"
آخر ساعة
الخميس 6 أبريل 2023 - 18:33

تحت عنوان "من الصحراء إلى كرة القدم.. المغرب يتخذ شعار 'من يحبّني فليتبعني"، نشرت مجلة جون أفريك الناطقة بالفرنسية تقريرا مطولا يستعرض نقاط القوة التي صارت تتميز بها المملكة، بتشجيع من نجاحاتها الدبلوماسية والاقتصادية وحتى الرياضية.

واعتبرت المجلة أن المغرب عاد ليؤكد نفسه بقوة أكبر على الساحة الدولية، رغم أن ذلك لم يخلُ من تأثير على العلاقات مع بعض الحلفاء القدامى.

 واستهلت المجلة التقريرَ بما قاله وليد الركراكي، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم، لإذاعة مونت كارلو "نريد لاعبين يرغبون في تبليل قميص البلد. لا مجال للغموض هنا.. إذا كنت مترددًا، فهذا لأنك لست راغبا في اللعب للمغرب".

واعتبرت المجلة أن الركراكي من خلال هذا التقرير أراد إرسال رسالة واضحة مفادها "من الآن فصاعدًا، لن يكون المغرب خيارًا ثانويا"، وهو ما يعني وفق المجلة أن هذه التصريحات تعكس، قبل كل شيء، اتجاهاً عاما ضمنيا، ربما تم الكشف عن بعضه خلال مسيرة المنتخب الرائعة في قطر، "ولكنه يمتد الآن إلى المجتمع المغربي بأسره والرأي العام: التعبير عن شعور بالانتماء للوطن".

وعرّجت المجلة على الطريقة التي صار ينظر بها العالم إلى المغرب، خصوصا الخطاب الذي تتبناه عواصم البلدان المجاورة. فاليوم، يوصف المغرب بانتظام من قبل العديد من شركائه الأوروبيين والدوليين بأنه أحد أعمدة الهجرة والتعاون الاقتصادي والأمني، وكشريك يتوافق استقراره مع استقرار البلدان التي تشكل بيئته الجيوسياسية المباشرة.

وتنبع هذه الصورة، وفق تقرير المجلة دائما، جزئياً، من الإصلاحات التي قام بها الملك محمد السادس خلال السنوات الأولى من حكمه، عند توليه العرش في 30 يوليو 1999 ، حيث أعرب على الفور عن رغبته في جعل المغرب بلداً يتجه بعزم نحو الحداثة، وقاطرة لإفريقيا من خلال توسيع التعاون جنوب - جنوب.

وبدافع من الرغبة في تعزيز استقلالها وسيادتها الوطنية، قامت المملكة بسلسلة واسعة من الإصلاحات في العديد من المجالات: السياسة والديمقراطية وحقوق الإنسان... وأطلقت العديد من المشاريع لتلائم طموحاتها.

وتستعرض المجلة القفزات الاقتصادية التي حققها المغرب، موردة أن ميناء طنجة المتوسط يعد اليوم واحداً من أهم الموانئ في إفريقيا ومركزًا للتجارة العالمية، كما يربط قطار البراق فائق السرعة طنجة بالدار البيضاء منذ عام 2018 ومن المرتقب أن يصل أكادير قربيا، بينما نمت شبكة الطرق السريعة بشكل كبير.

وأكدت المجلة أن الخطب الملكية لعبت دورا كبيرا في ترسيخ السيادة الوطنية وإعطاء صورة المملكة القادرة على إعادة بناء نفسها وإثبات تفوقها، مستعرضة عددا منها خصوصا خطاب ثورة الملك والشعب سنة 2021، حيث أكد الملك أن الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية، وهذا هو سلاحها للدفاع عن نفسها،  في وقت الشدة والأزمات والتهديدات.

وعن فترة كوفيد، أوردت المجلة أن المغرب عزز قدراته وتمكن من توفير الكمامات واللقاحات والأدوية لبعض جيرانه، في وقت كانت فيه العديد من الدول الأوروبية تواجه نقصًا، مانحا تصورا جديدا لدولة ذات سيادة يمكنها الاعتماد على مواردها الخاصة، ولما لا تجاوز ذلك إلى مساعدة الآخرين.

واستدلت المجلة بتصريح للخبير الاقتصادي الفرنسي المغربي عبد الغني يومني، المتخصص في السياسات العامة، حيث قال "صحيح أن الناتج المحلي الإجمالي للمغرب ليس هو ناتج عن البلدان الغنية والصناعية، فالمملكة تدرك ذلك، لكنها مع ذلك ضاعفته، ليس بالدخل بل بالإنتاج وخلق القيمة".

أثارت هذه المشاريع حماسة وشعور قوي بالانتماء إلى الوطن، وخاصة بين الشباب. حيث قال وزير يساري سابق إن "الشعب المغربي يشعر ويرى أن المغرب قد تغير بشكل عميق" تضيف المجلة.

وبغض النظر عن عدد من الإصلاحات الأساسية التي يتعين تنفيذها، فإن جون أفريك تقر في تقريرها أن فكرة "المغرب الذي يفوز" صارت بلا شك أساسية في أذهان الناس.

فكل شهر، وكل أسبوع تقريبًا، تستضيف المدن الكبرى في المملكة نصيبها من الندوات والمعارض والمنتديات الاقتصادية أو الدولية، بهدف محدد، مؤكدة أن "مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس". شعار قد يبدو مجرّدًا، لكنه يجد توضيحًا شبه يومي من خلال المبادرات أو التصريحات أو المواقف التي تتخذها الجهات الحكومية أو حتى المجتمع المدني.

وينتقل تقرير المجلة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إنه، منذ عام 2018، ازدهرت عدة مجموعات تنشر بانتظام محتوى وطني يمجد التاريخ أو التراث المغربي، بينما تتبنى بشكل كامل مفهوم "المغرب أولاً"، مع تركيز كبير على القضية الوطنية الأولى: الصحراء المغربية.

وفي آخر التقرير، اعتبرت المجلة أن فرنسا - وعلاقتها التاريخية و "المتميزة" من نواح كثيرة مع المغرب - هي الضحية الأولى لتأكيد الذات المغربي هذا.

فمن جهة، تفرض الرباط رغبتها في اتخاذ مسار إضافي حول الصحراء، وتفسر رفض شريكها التقليدي اتخاذ موقف واضح بشأن هذا الموضوع على أنه عمل عدائي.

من جهة أخرى، فإن باريس، التي ترغب في الحفاظ على علاقات جيدة مع الجزائر والمتطلبات المرتبطة بوضعها كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ترفض في الوقت الحالي أي مناورة للإطار متعدد الأطراف. وهو الوضع الذي نتج عنه، في الأشهر الأخيرة، حوار الطّرشان أو الصمّ.