أين اختفى رئيس الحكومة؟

 أين اختفى رئيس الحكومة؟
آخر ساعة
الأربعاء 29 مارس 2023 - 14:27

كم يتمنى المواطن أن يجد الآن أمامه شاحنة تحمل شعار حزب الحمامة الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة، أو حتى أي حزب من الأغلبية الحكومية، وخصوصا في البوادي والقرى النائية.

فالمواطن الآن في حاجة ماسة إلى حملة تواصل حقيقية وليس انتخابية، وألا يكون شعارها 100 يوم 100 مدينة، بل كل يوم في مدينة.

لكن الحقيقة أن الأمر لا يتطلب كل هذا أيضا، بل فقط أن يظهر رئيس الحكومة عزيز أخنوش وأن يشرح للناس ما يحدث ويوضح حقيقة هذا الارتفاع الجنوني للأسعار وإلى أين سيصل بهم أولا، وبالبلاد ثانيا.

فالرجل مختفٍ تماما، وعاجز، أو غير راغب، عن التواصل مع المواطنين، على عكس ما كان قبل الانتخابات، حيث كان يتنقل في كل مكان، ويظهر في مجموعة من الأنشطة وقنوات التواصل، بل إنه خرج في فيديو توضيحي يخص إحدى الحملات الإحسانية في شهر رمضان.

فالمنطق يقول أن وقت ظهور رئيس الحكومة، على غرار ما يحدث في الأزمات بدول العالم، هو هذا بالضبط، وليس عندما يكون بصدد البحث عن أصوات الناخبين.

وفي حالة أخنوش، فإن ظهوره الآن مطلب أكثر إلحاحاً، باعتبار الأزمة هي أزمة مواد غذائية فلاحية بالدرجة الأولى، بعد أن كانت أزمة محروقات (ولا زالت بشكل أقل حدة).

والأمران معاً لهما علاقة به، لأنه حمل حقيبة وزارة الفلاحة من سنوات وحمل معها على عاتقه مخطط المغرب الأخضر الذي كلف ميزانية الدولة ملايير الدراهم، كما أنه صاحب شركة المحروقات الأولى في المغرب.

بل إن الأمر، الذي يتطلب أيضاً وقفة أخرى، هو أن صافي ثروة الرجل خلال 2022 بلغت 2 مليار دولار، بزيادة بلغت 100  مليون دولار، وفق فوربس.

وسط كل هذا، لا يظهر الرجل ولا يتكلم ولا يقول أي شيء، في رسالة صامتة يفهم منها المواطن أنه قد تم التخلي عنه فعليا من طرف الحكومة، وأن الأسوأ بالتأكيد قادم كما اعترف بذلك المندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي.

فليس من السهل أن يخرج رجل في منصب حساس كهذا، ليقرّ أن هناك مشكلة وأن التضخم سيستمر وأن مشكل الأسعار محلي ولا علاقة له بحرب أوكرانيا أو أسباب أخرى يحلو للنطاق الرسمي باسم حكومة أخنوش الحديث عنها في كل وقت وحين.

الأدهى من كل هذا، أن رؤساء الحكومات السابقة، الذين كال لهم المواطن ما يكفي من النقد، كانوا على الأقل يتواصلون ويظهرون ويوضحون، فحتى لو لم يتفق معهم المواطن، كان على الأقل يدرك أنه والحكومة في مركب واحد ويعالجون نفس المشكل أو المشاكل.

أما الشعور العام الآن، فهو أنه قد تم رمي كل الثقل فوق كاهل المواطنين، ليحملوا أعباءً فوق أعبائهم بين يعيش رئيس الحكومة وأغلبيته في بحبوحة، بعيداً عن الضجيج، وهذه حقيقة لا مفر منها، ولا يمكن تكذيبها لا بناطق رسمي ولا ببلاغات ولا بكلام معسول.

إذن، فإن عزيز أخنوش الذي يمكنه الآن الظهور في أية لحظة على قنوات القطب العمومي، ليشرح للمواطن مرات ومرات، ويتخذ أيضا إجراءات في صالحه، يأبى إلا أن يختفي، على طريقة البنوك التي قال عنها الساخر برناردشو أنها تمنحك المظلة عندما يكون الجو مشمسا، وتتخلى عنك عندما تمطر.

فسماء المغرب الآن تمطر أزمة ومعاناة، لكن صوت أخنوش وهدير شاحناته التي كانت تصل أقصى الأرض، في وضعية "صامت"، ولا يبدو أنه يحمل أو سيحمل مظلة للمواطن من أجل اتقاء العاصفة !

لكن، يبدو أن مبدأ أخنوش في هذه المرحلة المفصلية هو أن يختفي حتى تمر العاصفة، تحت شعار "كم من حاجة قضيناها بتركها".