الكاميرا الخفية.. عندما يموت الإبداع

 الكاميرا الخفية.. عندما يموت الإبداع
آخر ساعة
السبت 25 مارس 2023 - 17:11

يتجدد الموضوع كل عام، وتتجدد نفس ردود الفعل من أغلب المغاربة، على الأقل على مواقع التواصل الاجتماعي.

ظاهريا، أقلية فقط من يستسيغون برامج الكاميرا الخفية التي يتم تقديمها على القنوات العمومية، خصوصا أن الأفكار نفسها تتكرر كل عام، والضيف يبدو في الغالب وكأنه على علم مسبق.

تكرار الانتقادات وتجاهل المنتجين لا يدل سوى على شيء واحد، وهو موت الإبداع بشكل كلي، والاعتماد على ما هو متوفر وسهل.

يبدو الأمر وكأن الكاميرا الخفية صارت فرضاً واجبا في رمضان، وكأن أفكار التسلية قد انتهت منذ الثمانينات إلى الآن.

ففي كل عام نفس النغمة، نفس المقدمة، نفس الضيوف تقريبا، بل ونفس النتائج المتمثلة في غضب الضيف ثم مطاردته للمقدم، لينتهي الأمر بالعناق والمحبة.. و"مريضنا ما عندو باس".

ربما كانت فكرة الكاميرا الخفية في بداياتها ظريفة، حين كانت الكاميرا "خفية" فعلا، أما الآن فحتى لو تم تغيير الوجوه ونوعية المقلب إلا أن الفكرة في حد ذاتها صارت مبتذلة، بل وتبذيراً حقيقيا للمال.

هناك عشرات الآلاف من أفكار البرامج التي يمكن تنفيذها، وأحيانا بميزانية أقل بكثير من ميزانيات الكاميرا الخفية، ويمكن أن تجذب المشاهد وتحقق عدد مشاهدات أكبر.

المشكلة أنه بدل الإبداع، توغل هذه البرامج في التراجع من خلال تغيير المقدمين الذين يستضيفون أصدقاءهم، فيصبح البرنامج فعلاً كصالة ضيوف خاصة بمقدم البرنامج.. لا أقل ولا أكثر.

ويتحجج كثيرون أن النقد في واد وعدد المشاهدات في واد. فهذه "الكاميرا الخفية" التي يتم انتقادها هي التي تحظى بأكبر نسبة مشاهدة ! لكن هؤلاء يتناسون أن الأمر لا يتعلق بالجودة بقدر ما يتعلق بتوقيت البث، والذي يعلم الجميع أنه وقت ذروة، وأن جل المغاربة يبرمجون التلفزة على القنوات الوطنية في هذا التوقيت.

وبالتالي، فإن المشاهدة حاصلة في كل الأحوال، البعض لا زالت تروقه ولا شك، والبعض يشاهدها لينتقد، والبعض يشاهدها من منطق عدم وجود بديل.

ثم إن الكاميرا الخفية هي برنامج ترفيهي، ويفترض فيه أن يكون مضحكاً، للمشاهد والضيف معاً، لكنه بالشكل الذي يقدم به الآن صار قريبا من المأساة، إلا لو كانوا يعتبرون أن إثارة جنون وغضب شخص مشهور هو "شيء مضحك" !

سبق أن توقفت عدد من برامج الكاميرا الخفية في بلدان مختلفة، لأن النتائج أحيانا لا تكون كما هو مامول، وتصير الأمور إلى الأسوأ، بل إن بعضها انتهت بنتائج مأساوية.

وهذا طبيعي في برنامج يبحث عن إثارة أعصاب أو رعب الضيف، وكلنا نعلم صحيا أن الأمرين معاً قد يكونا قاتلين أحيانا.

وعليه، فأفضل ما قد يقوم به المنتجون هو أن يجعلوا رمضان هذا العام آخر أعوام الكاميرا الخفية، وأن يفكروا خارج الصندوق، قبل أن تحدث الكارثة.