في زمنه، عندما كان رئيسا للحكومة، تحدث عبد الإله بنكيران كثيرا.. كثيرا جدا، محاولاً أن يشرح كل شيء.. ويبرر كل شيء.
ثرثرَ بنكيران كثيرا وقال أشياء صحيحة أحيانا، وقال أخرى خاطئة كثيرة جدا أيضا. فمنْ كثُر لغطه كثر خطؤه ولا شك.
لكن الرجل لم يكن يهتم بهذا، ما دام الكلام، في نظره ونظره أتباعه على الأقل، كان ينتهي بالتصفيق أو الضحك في أسوأ الأحوال.
وبسبب كلامه هذا اعتقد بنكيران أن "ديماغوجيته" آتت أكلها، وظل يظن ذلك إلى أن أعلن عن نتائج الانتخابات الأخيرة حيث "صدم" بأنه فعلاً إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب.
لكن، في الحكومة المغربية الحالية، لا يبدو أن الجزء الثاني من الحكمة صحيح حقا، فالصمت الذي يخيم على رئيسها الحالي عزيز أخنوش يبدو أنه من ذهبٍ في اتجاهه هو فقط، وليس في اتجاه المواطنين الذين يكتوون من نار الأسعار.
ولعل خير من عبر عن طرفي النقيض هذين، بنكيران وأخنوش، هو النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، ورئيس مجلس المستشارين، الذي كال انتقادات شديدة إلى الحكومة التي يشارك فيها حزبه، حين قال، يوم الأحد 19 مارس، خلال الحفل 63 من عمر النقابة "إن الحكومة السابقة مارست الديماغوجية بشتى أشكال الهدرة الخاوية، فيما تمارس الحكومة الحالية ذلك بالصمت".
فبين رئيس حكومة يتحدث كثيراً ولم يكن يبدُ لحديثه أثر على أرض الواقع، وآخر لا يتحدث أصلاً ولا يبدو أنه يهتم لأثر صمته أو نتائج عمل حكومته على المواطن.
من خلال مواقع التواصل وردود أفعال المواطنين، لا يظهر أن هناك أي تفضيل بين الاثنين، لأن النتائج واحدة والمعاناة مستمرة، فلا الكلام ينفع ولا الصمت كذلك !
إنما على الحكومة الحالية، أن تعمل جاهدة كي يبدو أثر فعلها على أرض الواقع، وأن تتكلم حين يتطلب الأمر ذلك، لتشرح للمواطن أين يكمن الخلل، وكيف سيتم علاجه، ومتى.
أما الحكومة السابقة والأسبق، فقد مضى زمنهما، رغم أن بنكيران لا زال يحاول الحديث، ولا زال يحاول أن يبرر ويشرح ويصدق نفسه وهو يدعي أنه قدم الكثير للمواطن.. هذا المواطن نفسه الذي لا يكف عن شتم أيامه وسبها، بما كان فيها من قرارات لا زال المواطن يتجرع مرارتها إلى الآن.
بين الثرثرة والصمت إذن، كتب على المواطن المغرب أن يتجرع أغرب ديماغوجية عابرة للسنين.. في انتظار فرجة أمل.. ربما.