البيجيدي يقع في شرّ "بياناته"

 البيجيدي يقع في شرّ "بياناته"
آخر ساعة
الأثنين 13 مارس 2023 - 23:45

اشتكى عبد الإله بنكيران يوماً من أن أعضاء حزبه أصبحوا "خفاف"، ودعاهم إلى الرزانة وتحكيم العقل كي لا يتعرضوا للمطبات السياسية، وما أكثرها.

لكن لا يبدو أن الرجل، وهو الآن الأمين العام للحزب، طبق النصيحة على نفسه، ومن الواضح أنه وقع في شرّ بياناته رفقة حزبه.

بلاغ الديوان الملكي تعليقاً على بيان العدالة والتنمية بخصوص موقف وزارة الخارجية من القضية الفلسطينية كان قويا، إن لم نقل أنه كان قاسيا، فالحزب تطاول على اختصاص ليس له، وتحدث عن وزير الخارجية كأنه شخص معزول يتحرك ويتصرّح من تلقاء نفسه، بينما الحقيقة – التي يعلمها بنكيران ولا شك – أن السياسة الخارجية يقرر فيها الملك مباشرة.

بلاغ الديوان الملكي ذكر بهذا وأشار بشكل واضح إلى أن "السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص الملك، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية".

حدث هذا رغم خبرة بنكيران السياسية المفترضة، وخبرة حزبه الذي أوكلت له يوماً منصبَ وزارة الخارجية، ويعرف حساسيته الشديدة، ويعرف أيضاً أن سعد الدين العثماني لم يكمل مهمته على رأسها بسبب أخطاء في تدبير عدد من الملفات.

والمفترض، والحالة هاته، ألا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وأن يكون الحزب حريصا على مراقبة الوضع العام، ومراعاة المصلحة العليا للبلاد، التي قال عنها بنكيران نفسه أن الملك أدرى بها.

فما للحزب قرر هذه المرة أن يخرج عن ديْدنه ويسطر كلمات على غرار "الاستهجان" و"إعادة التذكير بالموقف الوطني"، وكأن السلطة العليا في البلاد تحتاج فعلا إلى تذكير، وهي التي تشتغل ليل نهار على هذا ملف القضية الفلسطينية والعشرات غيره، وهي أدرى من غيرها بكل تفاصيله.

والحقيقة أن الحزب، منذ توقيع الاتفاقية مع إسرائيل، وجد نفسه في مفترق طرق حادّ، فلا هو يستطيع أن يتخلى عن مواقفه السابقة أو يخفّف من حدتها و"حماستها"، ولا هو قادر على مسايرة الوضع الجديد.

من الواضح جدا أن الارتباك طغا على الحزب منذ ذلك الحين، ومع بلاغ الديوان الملكي، ستشتد الحيرة، لكن ما هو مؤكد أن زمن ازدواجية المواقف انتهى منذ تاريخ هذا التنبيه من الديوان الملكي، وعلى الحزب أن يعيد ترتيب أوراقه بناء على على ما جاء فيه، ولعل هذا ما دفع بنكيران للخروج بتوجيه واضح لأعضاء حزبه بعدم التعليق.

فمن المؤكد أن "الخفة" لن تنفع هذه المرة، ومن الأفضل أن تكون الحصافة والرزانة والتأني هي سيدة الموقف، وإلا فإن ما حدث سيكون آخر هبّة ريح تطفئ ضوءَ المصباح!