ميارة: العدالة الاجتماعية صارت مرتبطة بالاعتناء بالرأسمال البشري

 ميارة: العدالة الاجتماعية صارت مرتبطة بالاعتناء بالرأسمال البشري
آخر ساعة
الثلاثاء 21 فبراير 2023 - 17:29

قال رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، يوم الثلاثاء 21 فبراير بالرباط، إن العدالة الاجتماعية باتت رهينة أكثر من أي وقت مضى بمدى الاعتناء بالرأسمال البشري، "باعتباره الحل المستدام الذي ينبغي أن يحظى بالعناية اللازمة وفق مقاربة نسقية شاملة تستهدف الإنسان بجميع أبعاده الجسدية والنفسية والذهنية".

جاء ذلك في كلمة افتتاحية لرئيس مجلس المستشارين لأشغال المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية الذي ينظم تحت رعاية الملك محمد السادس، في موضوع "الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية".

وأضاف ميارة إن الدول صارت تتبنى أطرا مرجعية تأخذ في الاعتبار الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الساكنة، وتسعى إلى تحسين نجاعة الفعل العمومي مع أفضل استفادة ممكنة للمواطن من زاوية رفاهيته وراحته، لافتا إلى أن الحديث يجري اليوم عن اقتصاد الرفاه المستند إلى فرضية مفادها أن السياسات العمومية في مجال الحماية الاجتماعية والصحة والتربية "يمكن أن تكون ذات مردودية على المدى البعيد، لأنها تمكن الفئات المهمشة من الإسهام في التنمية، فيدعم جهدها جهود الفئات الأخرى، لتتحقق بذلك التنمية الشاملة والمستدامة".

وأبرز ميارة، في هذا السياق، أن التركيز على راحة الإنسان ورفاهيته لا زال أمرا جديدا في السياسات العمومية، مشيرا إلى أن دراسة صدرت حديثا عن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، حصرت أهم خصائص هذا التوجه في "تحقيق الالتقائية بين المبادرات الحكومية الرامية إلى تحقيق شروط العيش الكريم لجميع أفراد المجتمع بدل الاكتفاء بإسناد المهام الاجتماعية إلى وزارات بعينها، وتبني مقاربة متعددة الأبعاد تأخذ في الاعتبار انعكاسات مختلف السياسات العمومية على حياة المواطن حالا ومستقبلا وفق مقاربة وقائية تستبق كل وقع سلبي قد تسببه التدابير الحكومية على جودة العيش".

ينضاف إلى هذا، وفق المتحدث دائما "التركيز على كل ما يساعد على الرفع من الرفاه الاجتماعي لجميع أفراد المجتمع مع مراعاة حاجيات الفئات الهشة عن طريق الاستثمار الاجتماعي الهادف إلى تكافؤ الفرص بين مختلف الفئات وبين الأجيال؛ إضافة إلى تقوية الروابط بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني، من أجل العمل وفق مقاربة مندمجة تسعى إلى العمل المشترك من أجل رفاه إنساني متجذر في القيم والثقافة المجتمعية".

وشدد رئيس مجلس المستشارين على أن التربية تشكل مدخلا ورافعة لتفعيل هذا التوجه، كونها إلى جانب بناء الرأسمال البشري، "تبني أيضا الرأسمال الاجتماعي المكون من معايير وقيم وروابط تيسر التعاون بين الأفراد وتدعم الثقة المتبادلة داخل المجتمع"، مبرزا أن هذا التفاعل بين الرأسمال البشري والرأسمال الاجتماعي هو الذي يؤدي إلى تحقيق جودة الحياة الإنسانية التي تنمو وتزدهر في ظل العدالة الاجتماعية.

وأضاف أن الباحثين يجمعون على أن تحقيق تعليم جيد يعتبر استثمارا مجديا على المدى البعيد لأنه يوفر كفاءات بشرية لا غنى عنها لأية تنمية اقتصادية مستدامة، كما يلح ون على ضرورة سن سياسات ناجعة لتطوير الرأسمال البشري، باعتباره الضمانة الوحيدة لتحقيق التقدم في عصر مجتمع المعرفة، موردا أن السعي يتعزز من أجل وضع سياسات التغطية الصحية الشاملة - أي رعاية صحية ذات جودة عالية وبأسعار ميسورة للجميع دون التأثير على قدراتهم المالية - بتزايد الاعتراف بأن تمتع السكان بمستويات جيدة من الصحة والتغذية والتعليم يمثل الأساس للنمو الاقتصادي المستدام.

وسجل في هذا الإطار أن اختلال التوازن في الرفاه الاقتصادي بين طبقات المجتمع يؤدي بالضرورة إلى تكريس الهوة الاجتماعية بينها، الشيء الذي ينعكس بشكل سلبي على مستوى انخراط مختلف مكونات المجتمع في التنمية الشاملة والمستدامة للبلاد، معتبرا أن تثمين الموارد البشرية في الأوساط المهنية بمختلف أنواعها، خاصة كانت أو عمومية، هو الضمانة الحقيقية لتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للجميع.

وأورد ميارة أنه لا سبيل للتنمية الشاملة والمستدامة سوى تطوير بنيات الإنتاج مع إيلاء الأهمية القصوى للعنصر البشري بوصفه الرأسمال الحقيقي لكل مشروع تنموي، مؤكدا أن "المؤسسات الإنتاجية، التي هي مصدر كل نمو اقتصادي، لا يمكن لها أن تحافظ على مكانتها إلا إذا كانت قادرة على المنافسة التي تزداد اشتدادا يوما بعد يوم بفعل التطور العلمي والتكنولوجي، علما بأن تأهيل وتثمين الموارد البشرية وتوفير ظروف العمل اللائق أضحت من شروط ربح رهان هذه المنافسة".

يذكر أن الدورة السابعة لمنتدى العدالة الاجتماعية، التي تنظم بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تتميز بمشاركة واسعة لمسؤولين حكوميين وبرلمانيين وخبراء وأساتذة، وكذا ممثلي الهيئات السياسية والتنظيمات المهنية والنقابية، فضلا عن مختلف المنظمات الدولية.

وتكريسا للطابع الدولي للمنتدى، يحضر أشغال هذه الدورة وفد هام عن جمهورية الأوروغواي والمدير العام لمنظمة الإيسيسكو، وكذا ممثلي هيئات الأمم المتحدة بالمغرب، إلى جانب مشاركة رئيس الاتحاد البرلماني الدولي عبر تقنية التواصل المرئي.