اعتماد اللغة الإسبانية كلغة ثانية في المغرب

 اعتماد اللغة الإسبانية كلغة ثانية في المغرب
آخر ساعة
الأحد 5 فبراير 2023 - 12:32

سجل الإعلان المشترك، الذي صدر في أعقاب انعقاد الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغربي-الإسباني، أن البلدين، اللذين يتقاسمان إرثا ثقافيا وإنسانيا فريدا، مدعوان إلى تطوير رصيد إنساني جديد بهدف بلوغ شراكة شاملة في خدمة الجميع.

البلدان أعربا أيضاً عن التزامهما بتقوية تعلم اللغة الإسبانية في المدارس والإعداديات والثانويات المغربية، من خلال بلورة مخطط عمل مشترك من أجل المواكبة الفعالة لإحداث تخصصات مزدوجة اللغة داخل النظام التعليمي المغربي في مختلف مستوياته الابتدائي والثانوي والعالي، وكذلك وضع برنامج للتكوين في اللغة الإسبانية كلغة تدريس لفائدة الأساتذة المغاربة.

هذه  الدينامية التي تشهدها اللغة الاسبانية بالمغرب تبدو مشجعة جدا للانتقال نحو الخطوة التالية واعتمادها كلغة ثانية بدل الفرنسية.

وعندما تتحدث المذكرة عن "الإرث الثقافي والإنساني الفريد"، فإنها تجعل الإقدام على هذه الخطوة مسألة طبيعية جدا، إن لم تكن مطلوبة جدا في الوقت الحالي، وفي الظروف الحالية.

فإسبانيا بلد جار، وهي الآن واحدة من أفضل حلفاء المغرب الذين اختاروا أن يكونو في صفه مدركين جيداً فلسفة "منظار الصحراء المغربية"، حيث ضبابية أو ازدواجية المواقف لم تعد مقبولة البتة، وفق خطاب الملك محمد السادس.

فما المانع، والأمور تسير بشكل ممتاز من ناحية تطور العلاقات، من اتخاذ هذه المبادرة؟

يبلغ عدد الدول التي تتحدث الإسبانية 21 دولة، على رأسها إسبانيا ولا شك، وبينها  المكسيك والأرجنتين والولايات المتحدة الأمريكية أيضا (58 مليون شخص).

أما مجموع الناطقين بها حول العالم، فيتجاوز 400 مليون شخص، بنسبة 6,25% من مجموع لغات العالم، حيث تحتل المرتبة الخامسة بعد اللغة العربية مباشرة (6,6%).

بالمقابل، تبلغ نسبة عدد السكان المتحدثين بالفرنسية 3.05% من عدد سكان العالم، وتكشف الإحصائيات أن معظم من ينطق بالفرنسية كلغة أم أصلية يعيشون في فرنسا، حيث نشأت اللغة، أما البقية فيتوزعون بين كندا وبلجيكا وسويسرا وأفريقيا ولكسمبرغ وموناكو.

إن ما تبديه فرنسا تجاه المغرب سياسيا يعتبر فرصة تاريخية للانعتاق من هذا الحبل اللغوي الذي لفّ عنق التعليم في المغرب لعقود طويلة دون جدوى.

وعلى العكس، لم تظهر إسبانيا للمغرب سوى رغبة في التقارب والتعاون المشترك في أكثر من مجال، وهو ما يجعل مسألة اعتماد الإسبانية كلغة ثانية مسألة إرادة سياسية في هذه اللحظة، لا أقل ولا أكثر.

إن وجود كل هذه الدول والناطقين بالإسبانية، يعني فرص تقارب أكبر، وعلاقات ديبلوماسية أشمل، وفتح فرص الهجرة بشكل أوسع، وبالتالي خلق فرص شغل ومنظومة أخرى تفيد المواطن والدولة على حد سواء.

إن كان اعتماد اللغة الفرنسية مفهوما ومقبولا، تبعاً للسيرورة التاريخية التي فرضتها عدة عوامل منذ عقود، فإن الوضع الحالي يدعو إلى قلب الطاولة وتغيير القواعد من أجل مغرب أفضل.. أفضل بكثير.