هل حفَر البرلمان الأوروبي قبره في المغرب؟

 هل حفَر البرلمان الأوروبي قبره في المغرب؟
آخر ساعة
الأربعاء 25 يناير 2023 - 13:42

يتحدث الأوروبيون عن حقوق الإنسان، لكن حينما يتعلق الأمر بمصالحهم فإن حديثهم يختفي.

بهذه الجملة افتتح الكاتب التونسي نزار بولحية مقالاً جديدا له تناول فيه بيان البرلمان الأوروبي الأخير الذي أدان المغرب.

ويرى بولحية، في مقاله المنشور على جريدة "القدس العربي"، أن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، لن يقول على الأرجح هذه العبارة لمضيفيه المغاربة، حين يحل بعد أيام بينهم، "إلا أنه سينتهز الفرصة، بلا شك، ليمد يده للرباط ودعم ما اعتبرها الأربعاء الماضي في مؤتمر صحافي في موسكو حططا طويلة الأمد مع المغرب".

ويعتقد الكاتب أن البيان ضد المغرب يبقى "مريبا"، متسائلا: إن كان النواب الأوروبيون قد تحركوا من تلقاء أنفسهم وبوحي من ضمائرهم، وبدافع الحرص فقط على تغليب المبادئ على المصالح، فما سر تركيزهم على بلد مثل المغرب، في الوقت الذي تحصل فيه في محيطه وفي أماكن أخرى خارج محيطه، انتهاكات أشد من تلك المنسوبة له؟ وما تفسير الانتقائية التي يظهرونها حين يبدون مشاعر قلقهم وانزعاجهم من وضع حقوق الإنسان في الضفة الجنوبية للمتوسط في دولة محددة دون أخرى؟

ويجيب بولحية على أنه، ولاشك، وراء الأكمة ما وراءها، مستدلا بما قاله النائب الفرنسي تيري مارياني من حزب التجمع الوطني اليميني، على سبيل المثال، بعد التصويت على ذلك القرار: "تعتقدون أننا نجتمع لإدانة بلد ينتهك حقوق الإنسان أو الصحافة، ويشترك في زعزعة استقرار افريقيا، وقد يعني ذلك أننا نتحدث عن الجزائر. غير أن اليسار الأوروبي لا يدين نهائيا الجزائر، التي نمرر لها كل شيء أملا في الحصول على الغاز، ومقابل ذلك نناقش المغرب الذي هو أحد محاور شراكتنا الاستراتيجية في افريقيا".

يؤكد الصحافي التونسي في مقاله أن دخول الغاز بقوة على طرف المعادلة مسألة واضحة، خصوصا مع تواصل الحرب الروسية في أوكرانيا، وما تخلفه من تداعيات وانعكاسات مباشرة على الاقتصادات الأوروبية، "وهو ما يجعل من استبعاد الجزائر في هذا الظرف بالذات من أي نقاشات أو قرارات مماثلة أمراً مفهوماً".

ويضيف بولحية أنه، في ظل التوتر المستمر في العلاقات الجزائرية المغربية، فإن المعنى الوحيد لذلك هو محاباة الجزائر والتودد لها، ولو ببيان إدانة رمزي لجارتها الغربية، "وهذا تصرف لا ينم عن بعد نظر، بقدر ما يدل على سوء التقدير".

بالنسبة للكاتب، فإن الانفتاح المغربي على الصين وروسيا، والتوغل داخل القارة الافريقية، المعقل التقليدي للقوى الاستعمارية الأوروبية، "بات يثير قلقا متزايدا لدى عدة جهات في بروكسل. كما أن الاختراقات الكبيرة التي حققتها الرباط في ملف الصحراء، خصوصا في السنتين الأخيرتين، وضعتهم أمام مأزق حقيقي، ولم تسحب زمام المبادرة من بين أيديهم فقط، بل أبانت أيضا عن انقسامات واضحة في مواقفهم وتوجهاتهم".

ويختم الكاتب مقاله موردا أنه "مع أن بيان البرلمان الأوروبي يظل غير ملزم للأوروبيين ومع أن شراكتهم مع المغرب تبقى مستمرة، إلا أنه من غير المستبعد أن يكون البيان الأخير هو الرفش الذي حفرت به أوروبا قبرها في المغرب، ولو أن عملية الدفن قد تتطلب وقتا آخر".