قضية محمد بنعلي.. إعفاء مثير للجدل

 قضية محمد بنعلي.. إعفاء مثير للجدل
آخر ساعة
الأحد 3 أغسطس 2025 - 16:03

أثار قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القاضي بإعفاء محمد بنعلي من رئاسة المجلس العلمي المحلي بفجيج الكثير من الجدل، ليس فقط لكونه جاء دون تقديم أي تعليل رسمي أو مبررات واضحة، ولكن أيضاً لطبيعة الشخصية المعفاة وسياقها العام، في وقت تتصاعد فيه المطالب بإرساء معايير الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة في مختلف مؤسسات الدولة.

القرار، الذي وقعه الوزير أحمد التوفيق بتاريخ 31 يوليوز 2025، جاء بصيغة مقتضبة تشير إلى الإعفاء، دون ذكر أي سبب تأديبي أو مهني أو إداري.

وهذا ما فتح الباب واسعًا أمام التأويلات والتكهنات، خاصة مع ما رافق القرار من تدوينات وتصريحات غاضبة، كان أبرزها ما صدر عن الداعية المغربي أحمد الريسوني، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي اعتبر القرار رمزًا لـ"الاستبداد الإداري" و"إهانة لكرامة العلماء".

في المقابل، تجدر الإشارة إلى أن من حق أي وزارة أن تُجري تغييرات داخلية وتُعيد هيكلة بعض مواقع المسؤولية، بما تراه يخدم المصلحة العامة، ما دام ذلك يتم في إطار القانون وضمن صلاحياتها التنظيمية.

لكن التحدي يبرز حين يتم تغييب مبدأ التبرير أو حتى الإشارة إلى المسطرة التأديبية، خاصة عندما يكون المعني بالأمر شخصية ذات حضور علمي ومجتمعي، كما هو حال بنعلي.

من جهة أخرى، أوردت مصادر أن القرار قد يكون مرتبطًا بمواقفه الجهرية بشأن بعض القضايا ذات الطابع السياسي والديني، مثل القضية الفلسطينية، ما يُعيد إلى الواجهة الجدل القديم حول حدود حرية التعبير داخل المؤسسات الدينية الرسمية، ومدى استقلالية العلماء في الإدلاء بمواقفهم تجاه قضايا الأمة.

وإذا صح هذا التأويل، فإننا سنكون أمام إشكال حقيقي في تدبير العلاقة بين العالم والدولة، خصوصًا إذا أصبحت بعض التعبيرات الفردية كافية لاعتبارها "تجاوزًا" يستدعي الإعفاء، في غياب توجيه أو إنذار أو حوار.

غير أن رواية الوزارة الرسمية لم تُعلن حتى الآن، وهو ما يُبقي الباب مفتوحًا أمام كل الفرضيات، ويدعو إلى ضرورة تقديم توضيحات شفافة للرأي العام، ليس دفاعًا عن شخص بعينه، وإنما دفاعًا عن منطق دولة المؤسسات، حيث لا يجب أن يكون الإعفاء أداة صامتة توحي أكثر مما توضح.

ختامًا، فإن إعفاء محمد بنعلي يُمثّل مناسبة ملحّة لفتح نقاش وطني هادئ وعقلاني حول طريقة اشتغال المجالس العلمية، ومدى استقلاليتها، وآليات تعيين وإعفاء مسؤوليها، كما يُعيد التذكير بأهمية احترام المساطر الشكلية والموضوعية، خاصة حين يتعلق الأمر بعلماء لهم حضورهم الرمزي داخل المجتمع، فحتى حين يكون الإعفاء مبررًا، فإن الصيغة تظل جزءًا من الرسالة.