غياب مغاربة العالم عن أرض الوطن.. أزمة حقيقية أم مجرد افتراضات؟

  غياب مغاربة العالم عن أرض الوطن.. أزمة حقيقية أم مجرد افتراضات؟
آخر ساعة
الأربعاء 6 أغسطس 2025 - 11:17

في الوقت الذي يُروَّج فيه لأزمة خانقة يعيشها قطاع الضيافة بالمغرب خلال صيف 2025، نتيجة ما يُقال إنه "غياب غير مسبوق للجالية المغربية المقيمة بالخارج"، تأتي الأرقام الرسمية والمعاينة الميدانية لتثير علامات استفهام حول مدى دقة هذه الادعاءات.

كما تغيب في الوقت نفسه التوضيحات الرسمية التي تؤكد أو تنفي هذه الشائعات التي، رغم كونِها لا تتعدى وسائل التواصل، تبقى مؤشرا على أزمة ما.

حقيقة أم تهويل؟

في الأيام الأخيرة، تداولت عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصوات من داخل القطاع، شكاوى بشأن "ركود غير معتاد" في المقاهي والمطاعم والفنادق ببعض المدن، متهمين غياب أفراد الجالية المغربية هذا العام بكونه السبب الرئيسي وراء ذلك.

هذه الادعاءات عززها الحديث عن تفضيل عدد كبير من أفراد الجالية وجهات بديلة كإسبانيا وتركيا لقضاء عطلتهم الصيفية، بسبب غلاء الأسعار أو تراجع جودة الخدمات داخل المغرب.

لكن في المقابل، تشهد مدن كطنجة وتطوان ومارتيل وأكادير ومراكش، ازدحامًا غير مسبوق في الشوارع، واكتظاظًا في وسائل النقل والأسواق، ما يطرح علامات استفهام حول من يملأ هذه المدن إذا كانت الجالية فعلاً "غائبة"؟

أرقام "مرحبا 2025" تكذّب الشائعات

وفق معطيات رسمية حديثة صادرة عن وزارة الداخلية الإسبانية والحرس المدني، فإن عملية "مرحبا 2025" سجلت عبورًا مكثفًا وغير مسبوق نحو المغرب، بلغ 841,226 مسافرًا و209,271 مركبة إلى غاية 27 يوليوز الجاري.

وكان الخط البحري الجزيرة الخضراء – طنجة المتوسط في الصدارة، مسجلاً 458,734 مسافرًا (+9.5% مقارنة بـ2024) و130,491 مركبة  (+10.5%).

أما خط طريفة – طنجة المدينة فسجل 184,219 مسافرًا (+11.6%) و29,055 مركبة (+9.6%)، في حين شهد خط ألميريا – الناظور عبور 172,441 مسافرًا (+11.7%) و42,900 مركبة  (+12.1%).

وسُجّل نمو غير مسبوق أيضًا في خط موتريل – الناظور بنسبة 187.8% من حيث عدد المسافرين و173% في المركبات، إضافة إلى 13,290 مسافرًا و3,150 مركبة عبر خط موتريل – الحسيمة.

هذه الأرقام تعكس، بوضوح، توافدًا قويًا للجالية المغربية نحو أرض الوطن، بل وتفوق أعداد السنوات الماضية.

غياب التصريحات الرسمية يفاقم الجدل

وسط هذه المعطيات المتناقضة، يلاحظ غياب تام لأي توضيح رسمي من الجهات المختصة، أو حتى الجهات المهنية المسؤولة عن قطاع الضيافة، وهو ما يترك المجال مفتوحًا أمام التأويلات والقراءات غير المبنية على أساس علمي أو إحصائي.

كما أن عدم صدور بلاغات من جمعيات أرباب المقاهي والفنادق يعكس ارتباكًا في تقدير الوضع، أو ربما اختلافًا جغرافيًا بين مناطق تعرف انتعاشًا وأخرى قد تعاني فعلًا من ركود لأسباب محلية لا علاقة لها بالجالية.

عموما،’ يتضح من الأرقام الرسمية أن الجالية المغربية لم تغب هذا العام عن أرض الوطن، بل إن عبورها تجاوز معدلات 2024.
 وإذا كانت هناك أزمة فعلية في قطاع الضيافة، فإن أسبابها قد تتجاوز عامل "غياب الجالية" لتشمل ارتفاع الأسعار، غلاء المعيشة، تحول في نمط الإنفاق، أو حتى تحول بعض الأسر إلى نمط الاستقبال العائلي بدل الإقامة الفندقية.

وفي غياب موقف رسمي يشرح الوضع، سيبقى الجدل مفتوحًا، والواقع المعاين في المدن المغربية هو أفضل مؤشر على حقيقة ما يجري.