عزلة الجزائر تتعمق... إخفاقات دبلوماسية وخصومات إقليمية

 عزلة الجزائر تتعمق... إخفاقات دبلوماسية وخصومات إقليمية
آخر ساعة
الخميس 7 أغسطس 2025 - 18:56

تعيش الجزائر، أكثر من أي وقت مضى، حالة من العزلة الدولية المتزايدة نتيجة سلسلة من المواقف المتشنجة التي اتخذتها في الأشهر الأخيرة تجاه عدد من الدول، مما زاد من حدة التوترات وكشف عن أزمة في الرؤية السياسية والدبلوماسية للنظام الحاكم.

آخر فصول هذه العزلة، جاء من قلب أوروبا، حيث وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حكومته، أمس الأربعاء، إلى التحرك "بمزيد من الحزم والتصميم" تجاه الجزائر.

كما طلب ماكرون تعليق الإعفاء من التأشيرات لجوازات السفر الرسمية والدبلوماسية الجزائرية، في موقف غير مسبوق منذ سنوات.

 القرار جاء على خلفية قضايا حقوقية، أبرزها مصير الكاتب بوعلام صنصال والصحافي كريستوف غليز، المسجونين في الجزائر، وهو ما يُظهر أن باريس بدأت تتعامل مع الجزائر كدولة تميل أكثر إلى الاستبداد منها إلى الشراكة.

لكن فرنسا، وسابقاً إسبانيا بسبب موقفها الداعم لسيادة المغرب على صحرائه،  ليست وحدها التي باتت تنظر بريبة إلى تصرفات النظام الجزائري، ففي أبريل الماضي، أعلنت ثلاث دول إفريقية – مالي والنيجر وبوركينا فاسو – سحب سفرائها من الجزائر بشكل جماعي، احتجاجاً على إسقاط الجيش الجزائري لطائرة درون مالية.

واعتبرت قيادات الدول الثلاث، المنضوية تحت لواء مجلس رؤساء دول كونفدرالية الساحل  (AES)، حينها، أن الحادثة تمثل "عملاً عدائياً صريحاً" تجاه دولة ذات سيادة.

في بيان شديد اللهجة، قالت قيادات الدول الثلاث إن إسقاط الطائرة المسيّرة يكشف عن استخفاف النظام الجزائري بالقواعد الدبلوماسية والعسكرية، وعن تجاوز خطير للحدود.

هذا التدهور السريع في العلاقات الجزائرية مع جيرانها في الساحل، بالإضافة إلى التوتر المتصاعد مع فرنسا يعكس أزمة عميقة في مقاربة الجزائر لعلاقاتها الدولية.

 ففي وقت يتجه فيه العالم نحو تعزيز التعاون الإقليمي وتجاوز منطق الهيمنة والتدخل، يبدو أن الجزائر لا تزال رهينة خطاب قديم يحاكي زمن الحرب الباردة.

وبينما تعاني الجزائر داخليًا من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، يبدو أن نهج المواجهة والتصعيد الذي تتبناه خارجياً لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة، وقد يفقدها حتى ما تبقى من نفوذ إقليمي كانت تراهن عليه.

لقد بات واضحًا أن إعادة النظر في السياسة الخارجية الجزائرية لم تعد خيارًا، بل ضرورة عاجلة، قبل أن تغلق جميع النوافذ التي لا تزال مفتوحة على العالم.